الموسوعة العقدية

الفَرْعُ الثَّاني: إجماعُ أهلِ السُّنَّةِ وأصحابِ الحَديثِ

1- قال الترمذيُّ عَقِبَ روايتِه لحَديثٍ في فَضلِ الصَّدَقةِ، فيه ذكرُ صفةِ اليمينِ للرَّحمنِ جلَّ ذِكرُه: (قال غيرُ واحدٍ مِن أهلِ العِلمِ في هذا الحديثِ وما يُشبِهُ هذا من الرِّواياتِ مِن الصِّفاتِ، ونُزولِ الربِّ تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا. قالوا: قد ثَبَتت الرِّواياتُ في هذا، ويؤمَنُ بها، ولا يُتوهَّمُ، ولا يُقالُ: كيف؟ هكذا رُوِي عن مالكِ بن أنَسٍ، وسفيانِ بنِ عُيَينةَ، وعبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ: أنَّهم قالوا في هذه الأحاديثِ: أمِرُّوها بلا كيفٍ، وهكذا قولُ أهلِ العِلمِ مِن أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ) [154] يُنظر: ((سنن الترمذي)) (2/43). .
2- قال أبو عُثمانَ الصَّابوني: (أصحابُ الحديثِ -حَفِظَ الله أحياءَهم ورَحِمَ أمواتَهم- يشهَدون لله تعالى بالوحدانيَّةِ، وللرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرِّسالةِ والنبوَّة، ويعرفونَ ربَّهم عزَّ وجَلَّ بصِفاتِه التي نطق بها وحيُه وتنزيلُه، أو شَهِدَ له بها رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ما وردت الأخبارُ الصِّحاحُ به، ونَقَلت العدولُ الثقاتُ عنه، ويُثبتون له -جلَّ جلالُه- ما أثبتَه لنَفْسِه في كتابِه وعلى لسانِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا يَعتَقِدونَ تَشبيهًا لصفاتِه بصِفاتِ خَلْقِه... ولا يحرِّفون الكَلِمَ عن مواضِعِه... تحريف المُعتَزِلةِ والجَهْميَّةِ... وقد أعاذ اللهُ تعالى أهلَ السُّنَّةِ مِن التَّحريفِ والتَّشبيهِ والتَّكييفِ، ومَنَّ عليهم بالتَّعريفِ والتَّفهيمِ؛ حتى سَلَكوا سَبيلَ التَّوحيدِ والتَّنزيهِ، وتركوا القولَ بالتَّعطيلِ والتَّشبيهِ) [155] يُنظر: ((عقيدة السلف وأصحاب الحديث)) (ص: 160). .
3- قال ابنُ عبد البَرِّ: (أهلُ السُّنَّةِ مُجمِعون على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كُلِّها في القُرآنِ والسُّنةِ، والإيمانِ بها، وحمْلِها على الحقيقةِ لا على المجازِ، إلَّا أنَّهم لا يكَيِّفون شيئًا من ذلك، ولا يَحُدُّون فيه صفةً محصورةً.
وأمَّا أهلُ البِدَعِ، والجَهميَّةُ، والمعتزلةُ كُلُّها، والخوارجُ: فكلُّهم ينكِرُها، ولا يحمِلُ شيئًا منها على الحقيقةِ، ويزعُمون أنَّ من أقَرَّ بها مشَبِّهٌ، وهم عند من أثبتها نافون للمَعبودِ، والحَقُّ فيما قاله القائِلونَ بما نَطَق به كتابُ اللهِ وسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهم أئمَّةُ الجَماعةِ) [156] يُنظر: ((التمهيد)) (7/145). .
4- قال البَغَوي عند تفسيرِه لِقَولِه تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ [الأعراف: 54] : (أولَّت المعتزلةُ الاستواءَ بالاستيلاءِ، فأمَّا أهلُ السُّنَّةِ يقولون: الاستواءُ على العَرشِ صِفةٌ لله تعالى بلا كيفٍ، يجبُ على الرجُلِ الإيمانُ به، ويَكِلُ العلمَ فيه إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ) [157] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (2/197). .

انظر أيضا: