لعمري لقد أيقنتُ أنَّك ميِّتٌ | | ولكنَّما أَبْدَى الذي قلتُه الجَزَع |
وقلتُ يغيبُ الوحي عنَّا لفقدِه | | كما غاب موسى، ثمَّ يرجعُ كما رجع |
وكان هواي أن تطولَ حياتُه | | وليس لحيٍّ في بقا ميِّتٍ طمع |
فلمَّا كشفنا البردَ عن حرِّ وجهِه | | إذا الأمرُ بالجزع الموهب قد وقع |
فلم تكُ لي عندَ المصيبةِ حيلةٌ | | أردُّ بها أهلَ الشَّمَاتَة والقَذَع |
سوى آذن الله في كتابه | | وما آذن الله العبادَ به يقع |
وقد قلتُ مِن بعدِ المقالةِ قولةً | | لها في حلوقِ الشَّامتين به بشع |
أَلَا إنَّما كان النَّبيُّ محمدٌ | | إلى أجلٍ وافى به الوقتَ فانقطع |
ندينُ على العلات منَّا بدينِه | | ونعطي الذي أعطى، ونمنعُ ما منع |
ووليت محزونًا بعينٍ سخينةٍ | | أكفكفُ دمعي والفؤادُ قد انصدع |
وقلت لعيني: كلُّ دمعٍ ذخرتُه | | فجودي به إنَّ الشَّجيَّ له دفع [6008] انظر: ((الروض الأنف)) للسهيلي (7/787). |
إذا ما الدَّهرُ جرَّ على أناسٍ | | كَلَاكِلَه [6009] الكلاكل جمع كلكل وَهُوَ الصَّدْر وَالْمعْنَى إِذا أناخت صروف الدَّهْر على قوم بِإِزَالَة نعمهم وتكدير عيشهم فعادتها والمعهود مِنْهَا أَنَّهَا تفعل بغيرهم مثل ذَلِك. ((شرح ديوان الحماسة)) للتبريزي (2/55). أناخ بآخرينا |
فقلْ للشَّامتين بنا أفيقوا | | سيلقَى الشَّامتون كما لقينا |
ولقد أقولُ لذي الشَّمَاتَةِ إذ رأى فجعي | | ومَن يذقِ الفجيعةَ يجزعِ |
اشمتْ فقد قَرَع الحوادثُ مروتي | | وافرحْ بمروتِك التي لم تُقْرَعِ |
إن تبقَ تُفْجَعْ بالأحبةِ كلِّهم | | أو تُرْدِك الأحداثُ إن لم تُفْجَع [6010] انظر: ((المجالسة وجواهر العلم)) للدينوري (7/219). |
ومَن يرَ بالأقوامِ يومًا يرونه | | معرَّةَ يومٍ لا تُوَازَى كواكبُه |
فقلْ للذي يُبدي الشَّمَاتَةَ جاهلًا | | سيأتيك كأسٌ أنت لا بدَّ شاربُه |
يا أيُّها الشَّامتُ المبدي عداوتَه | | ما بالمنايا التي عيَّرت مِن عارِ |
تراك تنجو سليمًا مِن غوائلِها | | هيهاتَ لا بدَّ أن يسري بك السَّاري [6011] انظر: ((التذكرة الحمدونيَّة)) لابن حمدون (3/325). |