موسوعة الأخلاق

من أخبار البخلاء


- وصية بخيل:
قال أحد البخلاء وهو يوصي ابنه:
أي بنيَّ! إنَّ إنفاق القراريط يفتح عليك أبواب الدوانيق، وإنفاق الدوانيق يفتح عليك أبواب الدراهم، وإنفاق الدراهم يفتح عليك أبواب الدنانير. والعشرات تفتح عليك أبواب المئين، والمئون تفتح عليك أبواب الألوف، حتى يأتي ذلك على الفرع والأصل ويطمس على العين والأثر، ويحتمل القليل والكثير [4631] ((البخلاء)) للجاحظ (143).
- وقال المكي: كان لأبي عم يقال له سليمان الكثري سمِّي بذلك لكثرة ماله. وكان يقرِّبني وأنا صبي إلى أن بلغت. ولم يهب لي مع ذلك التقريب شيئًا قط. وكان قد جاوز في ذلك حد البخلاء. فدخلت عليه يومًا، وإذا قدَّامه قطع دار صيني لا تسوى قيراطًا؛ فلما نال حاجته منها، مددت يدي لآخذ قطعة، فلما نظر إليَّ قبضت يدي، فقال: لا تنقبض وانبسط واسترسل وليحسن ظنك، فإن حالك عندي على ما تحب، فخذه كله، فهو لك بزوبره، وبحذافيره، وهو لك جميعًا؛ نفسي بذلك سخيَّة. والله يعلم أني مسرور بما وصل إليك من الخير. فتركته بين يده، وقمت من عنده وجعلت وجهي، كما أنا، إلى العراق. فما رأيته وما رآني حتى مات.
- واشترى رجل من البخلاء دارًا وانتقل إليها، فوقف ببابه سائل فقال له: فتح الله عليك. ثم وقف ثان، فقال له مثل ذلك، ثم وقف ثالث، فقال له مثل ذلك، ثم التفت إلى ابنته، فقال لها: ما أكثر السُّؤال في هذا المكان. قالت: يا أبت، ما دمت مستمسكًا لهم بهذه الكلمة فما تبال كثروا أم قلُّوا [4632] ((المستطرف)) للأبشيهي (183).
- وقال دعبل: كنا عند سهل بن هارون، فلم نبرح حتى كاد يموت من الجوع، فقال: ويلك يا غلام آتنا غداءنا، فأتي بقصعة فيها ديك مطبوخ تحته ثريد قليل، فتأمل الديك فرآه بغير رأس، فقال لغلامه: وأين الرأس؟ فقال: رميته، فقال: والله إني لأكره من يرمي برجله، فكيف برأسه؟ ويحك أما علمت أن الرأس رئيس الأعضاء، ومنه يصيح الديك، ولولا صوته ما أريد، وفيه فرقه [4633] فرق الرأس: ما بين الجبين إلى الدائرة. ((لسان العرب)) لابن منظور (10/301)، ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (6/384). الذي يتبرك به، وعينه التي يضرب بها المثل، فيقال: شراب كعين الديك، ودماغه عجيب لوجع الكلية، ولم نر عظمًا أهشَّ تحت الأسنان من عظم رأسه، وهبك ظننت أني لا آكله، أما قلت: عنده من يأكله. انظر في أي مكان رميته فأتني به. فقال: والله لا أدري أين رميته، فقال: ولكني أنا أعرف أين رميته. رميته في بطنك، الله حسبك [4634] ((المستطرف)) للأبشيهي (182).

انظر أيضا: