موسوعة الأديان

الفرع الأول: خلفية فكرية:


يدعون إلى الاعتقاد بخالق واحد، ويقولون بتحريم عبادة الأصنام، وينادون بالمساواة بين الناس.
يؤكِّدون على وحدانية الخالق الحي الذي لا يموت، والذي ليس له شكل، ويتعدَّى أفهام البشر، كما يستعملون عدة أسماء للإله، منها واه غورو والجاب، وأفضلها عند ناناك (الخالق الحق) وكل ما عداه وَهْمٌ (مايا).
يمنعون تمثيل الإله في صور، ولا يقرون بعبادة الشمس والأنهار والأشجار التي يعبدها الهندوس، كما لا يهتمون بالتطهر والحج إلى نهر الغانج، وقد انفصلوا تدريجيًّا عن المجتمع الهندوسي حتى صارت لهم شخصية دينية متميزة.
أباح ناناك الخمر، وأكل لحم الخنزير، وقد حرَّم لحم البقر مجاراة للهنادكة.
أصول الدين لديهم خمسة بانج كهكها، أي: الكافات الخمس ذلك أنها تبدأ بحرف الكاف باللغة الكورمكية، وهي:
1- ترك الشعر مرسلاً بدون قص من المهد إلى اللحد، وذلك لمنع دخول الغرباء بينهم بقصد التجسس.
2- أن يلبس الرجل سواراً حديداً في معصميه، بقصد التذلل والاقتداء بالدراويش.
3- أن يلبس الرجل تباناً، وهو أشبه بلباس السباحة تحت السراويل رمزاً للعفة.
4- أن يضع الرجل مشطاً صغيراً في شعر رأسه، وذلك لتمشيط الشعر وترجيله وتهذيبه.
5- أن يتمنطق السيخي بحربة صغيرة أو خنجر على الدوام، وذلك لإعطائه قوة واعتداداً، وليدافع به عن نفسه إذا لزم الأمر.
يُعتقد بأن هذه الأمور ليست من وضع ناناك، بل هي من وضع الخليفة العاشر غوبند سنغ الذي حرَّم أيضاً التدخين على أتباعه، ويقصد بهذه الأمور التميز عن جميع الناس.
معلمو السيخ ينكرون المعجزات والقصص والخرافات ذات الأساطير، إلا أنه على الرغم من ذلك فقد خلَّد السيخ معابد لهم (غور دوارا) مبنية على قصص تتحدث عن معجزات وقعت للمعلم ويسمَّى عندهم غورو، درجة دينية تأتي بعد مرحلة الرب، فهو الذي يدلُّ - في نظرهم - على الحق والصدق، كما أنهم يتعبدون الإله بإنشاد الأناشيد الدينية التي نظمها المعلمون.
يعتقدون بأن ترديد أسماء الإله الناما يطهر المرء من الذنوب، ويقضي على مصادر الشر في النفوس، وإنشاد الأناشيد كيرتا، والتأمل بتوجيه من معلم غورو كل هذا يؤدي إلى الاتصال بالإله.
يعتقدون بأن روح كل واحد من المعلمين تنتقل منه إلى المعلم التالي له.
هناك بعض التنبؤات واسمها ساوساكي المائة قصة، والمنسوبة إلى المعلم غوبند سنغ، والتي تدور حول الانقلابات في الحكم القائم، ومجيء مخلِّص ينشر السيخية في جميع أنحاء العالم.
يؤمنون بولادة الإنسان وموته، ثم إعادة ولادته كارما، بحيث تتقرر حياة الإنسان المستقبلية على ضوء حياته السابقة، ويتوقف خلاصه على هذه المرحلة.
إن توجيه المعلم غورو أساسي للوصول إلى مرحلة الانعتاق موكا.
يقدسون العدد خمسة الذي له معنى صوفي في أرض البنجاب، أي: الأنهار الخمسة.
الخلافات الدينية يحلُّها مجلس ديني يعقد في أمر تيسار، وقرارات هذا المجلس لها قوة روحية.
ليس لديهم طبقة دينية مشابهة للبراهمة الهندوس؛ إذ إنهم - عموماً - يرفضون مبدأ الطبقات الهندوسي، كما يعارضون احتكار طبقة البراهمة للتعاليم الدينية.
يقسِّمون أنفسهم على أساس عرقي.. منهم الجات (قبائل زراعية) وغير الجات، والمذاهبي، وهم المنبوذون، لكن وضعهم أفضل بكثير من وضع المنبوذين لدى الهندوس.
يتزوجون من زوجة واحدة فقط.
أعياد السيخ هي نفس أعياد هندوس الشمال في الهند، بالإضافة إلى عيد مولد أول وآخر غورو، وعيد ذكرى استشهاد الغورو الخامس والتاسع.
خالصادال (الباختا):
تعرَّض السيخ لاضطهاد المغول الذين أعدموا اثنين من معلميهم، وقد كان أشد المغول عليهم نادر شاه
( 1738- 1839) م, الذي هاجمهم مما اضطرهم إلى اللجوء إلى الجبال والشعاب.
قام غوبند سنغ، وهو المعلم العاشر بإنشاء منظمة الباختا، أي: خالصادال التي سمَّى رجالها (أسوداً) ونساءها (لبؤات).
هدف شباب السيخ أن يصبحوا مؤهَّلين لأن يكونوا من رجال الخالصادال، ويطلعوا على تعاليمها.
إن الخالصادال مجموعة من الشباب الذين يرتبطون بنظام سلوكي ديني قاس، حيث ينصرفون إلى الصلاة والقتال من أجل الحق والعدل الذي يعتقدون به، ممتنعين عن المخدرات والمسكرات والتبغ.
صاروا بعد عام(1761) م, حكاماً للبنجاب، وذلك بعد ضعف المغول، حيث احتلوا لاهور عام (1799)م. وفي عام (1819) م, امتدت دولتهم إلى بلاد الباتان، وقد وصلت إلى ممر خيبر في عهد المهراجا رانجيت سنغ ت(1839) م, متغلبين على الأفغان.
عندما وصل الإنجليز حصلت مصادمات بينهم وبين السيخ، واضطروهم لأن يتراجعوا ويتوقفوا عند نهر سوتلج، واعتبار ذلك حدوداً لدولة السيخ من الناحية الجنوبية الشرقية.
انكسروا بعد ذلك وتراجعوا أكثر، وأجبرهم البريطانيون على دفع غرامة كبيرة، وتسليم جامو وكشمير، كما عيَّنوا في لاهور مقيماً بريطانياً يدير بقية مملكة السيخ.
صاروا بعد ذلك شديدي الولاء للإنجليز، بل ساعدوهم على احتلال البنجاب.
تحوَّل السيخ إلى أداة في أيدي الإنجليز يضطهدون بهم حركات التمرد (1857) م.
حصلوا من الإنجليز على امتيازات كثيرة، منها منحهم أراض زراعية، وإيصال الماء إليها عبر قنوات، مما جعلهم في رخاء مادي يمتازون به عن جميع المقيمين في المنطقة.
في الحرب العالمية الأولى كانوا يشكلون أكثر من (20% ) من الجيش الهندي البريطاني.
انضموا إلى حركة غاندي في طلب الحرية، وذلك إثر قيام مشكلات بينهم وبين الإنجليز.
بعد عام (1947) م, صاروا مقسمين بين دولتين: الهند والباكستان، ثم اضطر مليونان ونصف المليون منهم أن يغادروا باكستان إلى الهند إثر صدامات بينهم وبين المسلمين.
ألغت الحكومة الهندية الامتيازات التي حصل عليها السيخ من الإنجليز، مما دفعهم إلى المطالبة بولاية البنجاب وطناً لهم.
على إثر المصادمات المستمرة بين الهندوس والسيخ أمرت أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند في شهر يونيو (1984) م, باقتحام المعبد الذهبي في أمرتيسار، حيث اشتبك الطرفان، وقتل فيه حوالي (1500) شخص من السيخ، و(500) شخص من الجيش الهندي.
وفي يوم (31 أكتوبر 1984) م, أقدم السيخ على قتل رئيسة الوزراء هذه انتقاماً لاقتحام المعبد، وقد حصلت مصادمات بين الطرفين عقب الاغتيال، قتل بسببها عدة آلاف من السيخ يقدرها بعضهم بحوالي خمسة آلاف شخص.
اشتهر السيخ خلال حكمهم بالعسف والظلم والجور والغلظة على المسلمين، من مثل منعهم من أداء الفرائض الدينية والأذان وبناء المساجد في القرى التي يكونون فيها أكثرية، وذلك فضلاً عن المصادمات المسلحة بينهما، والتي يقتل فيها كثير من المسلمين الأبرياء.
الموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب الإسلامي

إضافة إلى ما شرعه (نانك) أحدث خلفاؤه عقائد وعبادات منها ما هو شبيه بالهندوسية، ومنها ما هو قريب الشبه بالإسلام، وجعلوا السيخ أمة متميزة حتى الشعار واللباس، وهذه هي أهم عقائد السيخ:
1- الإيمان بعبادة رب واحد خالق، وإنكار عبادة الأصنام.
2- الإيمان بأن إمامهم (ويسمونه الكورو) يتوسط بين الرب والخلق.
3- الإيمان بالكتاب المقدس عندهم المسمى (كرانته).
4- الإيمان بالتناسخ كما هو عند الهندوس.
5- الحج إلى المعبد الذهبي (أمرتسار) والاستحمام في حوضه الذي يعتقدون فيه مثلما يعتقد الهندوس في نهر (الكانج).
أصول الفرق والمذاهب الفكرية لسفر الحوالي – ص 111

 
ولعل أبرز عقائد السيخ - غير ما ذُكر - ما يُعرف بالقواعد الخمس للقبيلة السيخية التي يعتمدون عليها اعتماداً كليًّا، وهي أصول الدين لديهم.
وقد سُمِّيت تلك القواعد أو الشارات بالكافات الخمس أو بانج كهكها؛ لأن كلَّ واحدة منها تبدأ بحرف الكاف باللغة الكورمكية، وهي:
- الكيش: اقتداء بشمشون الجبار الذي اشتهر عندهم بأنَّ قدرته الخارقة تَكْمُن في شعر رأسه المسترسل؛ فقد أرخى - على هذا الأساس - السيخية شعور رؤوسهم، وأطالوا لحاهم؛ تقيداً بالقاعدة الأولى الكيش: (عدم مساس الشعر بمقص).
- الكانغا: القاعدة الثانية، وهي عبارة عن الضفائر المجدولة فوق الرأس، وذلك تعويضاً عن المشط، ولكي يكونوا على أهبة الاستعداد لنجدة الطائفة، وذلك يتطلب مهارة في الحركة والوثب (المشط يحمله كل فرد).
- الكاتشا: وهي عبارة عن تحريم ارتداء (الدوتي الهندي) وهو قماش فضفاض يلف حول الجسد فيعوق الحركة؛ لذلك عُدَّ هذا الزي الباهظ الثمن محرماً، ووضع مكانه (الكاتشا) وهو سروال متسع يضيق عند الركبتين للنساء والرجال على السواء: (ارتداء السروال العسكري).
- الكارا: وتيمناً بفضائل نانك الذي لم يعرف البهرجة، حُرمت السيخية الزينة والحلي والجواهر، واكتفوا بسوار حديدي يُلفُّ حول المعصم ويُدعى (الكارا)، والذي اعتمد على التقليد المتوارث، والقائل بأن الحديد يبعد إغواء الشيطان (وضع السوار الفولاذي في اليد اليمنى).- الكريبان: أما القاعدة الخامسة والأخيرة، فقد دعت إلى تقلد (الكيربان) وهو سيف تنطوي قبضته على الحد المستل الذي لا يبين له أثر إلا عند الحاجة فقط. (حمل المُدى أو السيف ذي الحدين) انظر ((الهندوس والسيخ))، (ص25- 26). 
رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد  - ص 56

 

انظر أيضا: