موسوعة الفرق

الفَرعُ الرَّابِعُ: زُعَماءُ البَهرةِ


لطائِفةِ البَهرةِ زُعَماءُ يَتَعاقَبونَ على رِئاسَتِها، وكُلُّ واحِدٍ منهم يُطلَقُ عليهم اسمُ الدَّاعي، ويُعتَبَرُ الزَّعيمُ ممثِّلًا دُنيويًّا للإِمامِ ويَتَوَلَّى نيابةَ الإمامِ الدِّينيَّةَ، ومَنصِبُ الدَّاعي ليس وراثيًّا كالإمامةِ، إنَّما هو مُكتَسَبٌ، إلَّا أنَّ الدُّعاةَ المُتَأخِّرينَ لم يَلتَزِموا بهذه التَّعاليمِ، وخَرَجوا عن المُعتَقَداتِ والأصولِ الأساسيَّةِ للطَّائِفةِ، فادَّعَوا لأنفُسِهم العِصمةَ كالأئِمَّةِ سَواءً بسَواءٍ، وجَعَلوا مَنصِبَ الدَّاعي وراثيًّا في أبناءِ العائِلةِ الحاكِمةِ.
ومِنَ المُلاحَظِ أنَّ أسماءَ الدُّعاةِ عِندَهم مُتَشابِهةٌ، فنَجِدُ سِتَّةً منهم باسمِ شَمسِ الدِّينِ، وسِتَّةً آخَرينَ باسمِ بَدرِ الدِّينِ، وأربَعةً باسمِ نَجمِ الدِّينِ، وثَلاثةً باسمِ حُسامِ الدِّينِ، واثنَينِ باسمِ زَكيِّ الدِّينِ، واثنَينِ باسمِ زَينِ الدِّينِ، واثنَينِ باسمِ سَيفِ الدِّينِ، وهكذا!
وأئِمَّتُهم لهم نُفوذٌ عَظيمٌ وسَيطَرةٌ كبيرةٌ على طائِفَتِهم البَهريَّةِ. يَقولُ نورمان أكنز، وهو أحَدُ أبناءِ البَهرةِ الذين ثاروا في وجهِ الدَّاعي والإمامِ للمُطالَبةِ بإصلاحِ شُؤونِ طائِفةِ البَهرةِ: (إنَّ أيَّ فردٍ من أفرادِ طائِفَتِه لا يَملِكُ أن يَحيا حَياتَه الخاصَّةَ به أو أن يَقرَأَ مَجَلَّةً أو صَحيفةً أو كتابًا أو أن يُساهِمَ في إصدارِها إلَّا بإذنٍ مِنَ الدَّاعي... ولا يَستَطيعُ أن يَدرُسَ في مَدرَسةٍ أو جامِعةٍ أو يُرسِلَ أبناءَه إليها إلَّا بإذنٍ خاصٍّ مِنَ الدَّاعي... ولا يَستَطيعُ أيُّ فردٍ أن يُمارِسَ أيَّ نَوعٍ من أنواعِ التِّجارةِ أوِ المُحاماةِ أوِ الطِّبِّ أوِ الأعمالِ الحِسابيَّةِ أو غَيرِ ذلك مِنَ الأعمالِ الأخرى إلَّا بإذنٍ مِنَ الدَّاعي كذلك، والأدهى من ذلك أنَّ أفرادَ الطَّائِفةِ لا يَستَطيعونَ دَفنَ مَوتاهم إلَّا بتَصريحٍ منه، ولا حُرِّيَّةَ لأيِّ فردٍ من أفرادِ الطَّائِفةِ في انتِخابِ أيِّ مُرَشَّحٍ من أحزابٍ أو هَيئاتٍ أوِ اتِّحاداتٍ لا يَرضى عنه الدَّاعي، ولا يَستَطيعُ أن يُشَكِّلَ نِقابةً أو يُنسَبَ إلى عُضويَّةِ نِقابةٍ أو جَمعيَّةٍ بغَيرِ إذنٍ منه) [2991] ((مجلة المجتمع الكويتية)) (العدد الصادر في: 24/10/1978). .
وكانت نِهايةُ هذا الرَّجُلِ الذي ثارَ في وجهِ طَواغيتِ أئِمَّةِ البَهرةِ الإعدامَ، فقد تَمَّ قَتلُه بأمرِ الدَّاعي البهريِّ.
ومِن آخِرِ دُعاتِهم الدُّكتورُ طاهِر سَيف الدَّين الهِنديُّ، الذي تَوَلَّى زَعامةَ طائِفةِ البَهرةِ 53 سَنةً، حتَّى توُفِّيَ سَنةَ 1385ه وتَرتيبُه عِندَهم الحادي والخَمسونَ، وبَعدَ وفاتِه صارَ الدَّاعي المُطلَقُ لطائِفةِ البَهرةِ ابنُه الدُّكتورُ مُحَمَّد بُرهان الدِّينِ سُلطانَ البَهرةِ، وتَرتيبُه الثَّاني والخَمسونَ من سِلسِلةِ دُعاةِ الإسماعيليَّةِ الطَّيبيَّةِ، وقد توُفِّيَ عن عُمرٍ بَلَغَ مِائةً وسَنَتَينِ، وذلك سَنةَ 1435ه، وأقامَ في مَنصِبِه ابنُه مُفَضَّل سَيف الدِّينِ بنُ مُحَمَّد بُرهان الدِّينِ، وهو الدَّاعي المُطلقُ الثَّالِثُ والخَمسونَ من سِلسِلةِ الدُّعاةِ المُطلَقينَ الفاطِميِّينَ.
وعائِلةُ الدَّاعي المُطلَقِ هي الحاكِمةُ والمُهَيمِنةُ على شُؤونِ الطَّائِفةِ، وتَملِكُ الكَثيرَ مِنَ المالِ، وقد نالَ الدُّعاةُ الأخيرونَ منهم شَهاداتِ دُكتوراه فخريَّةً من بَعضِ الجامِعاتِ الشَّهيرةِ في العالَمِ الإسلاميِّ حتَّى من جامِعةِ الأزهَرِ بمِصرَ، والتَقَوا بكِبارِ مَسؤولي الحُكوماتِ، ونالوا عِدَّةَ جَوائِزَ حُكوميَّةٍ، واللهُ المُستَعانُ.
والبَهرةُ يَأخُذونَ العَهدَ والميثاقَ على طاعةِ دُعاتِهم عِندَ بُلوغِهم، وهذا يُعتَبَرُ إقرارًا منهم بوَفائِهم للمَذهَبِ الإسماعيليِّ، ومِمَّا جاءَ في الميثاقِ الحاليِّ عِندَهم ما يَلي:
1- الإمامُ أوِ الدَّاعي إن استَنفَرَ للجِهادِ ضِدَّ أعدائِه فتَنصُرونَ بأموالِكُم وأنفُسِكُم، وتُخلِصونَ في طاعةِ الإمامِ وداعيه، قولوا: نَعَمْ.
2- وتَمتَثِلونَ بأوامِرِ الإمامِ أو داعيه، ولا تَكونونَ مِنَ العُصاةِ، ولا تَغدِرونَ الدَّاعي، ولا تَدعونَ مَنصِبَ الدُّعاةِ، وتَكونونَ عونًا للدَّاعي، ولا تتحيَّلون مَعَ الدُّعاةِ، قولوا: نَعَم.
3- وتُطيعونَ داعيَ الإمامِ على كُلِّ حالٍ، وتَمتَنِعونَ عَمَّا نَهاه الدَّاعي، ولا تَتَقدَّمونَ أمامَ الدَّاعي، وتُحِبُّونَ مَن أحَبَّه الدَّاعي، وتُبغِضونَ مَن أبغَضَه، وتُقاتِلونَ مَن يُقاتِلُهم الدَّاعي، مَن يَعصِ الدَّاعيَ يَخرُجْ مِنَ الطَّائِفةِ سَواءٌ كان صغيرًا أو كبيرًا، قريبًا أو بعيدًا، لا تُناقِشونَه في أيِّ أمرٍ، ولا تُكاتِبونَه سرًّا ولا عَلانيةً، ولا تُخاطِبونَه مُخاطَبةَ الأصدِقاءِ لأصدِقائِهم، ولا تَتَحَلَّونَ بأخلاقِ أعداءِ الدَّاعي وعاداتِهم، ولا تَتَّخِذونَ وسيلَتَهم، وعَدوُّ الدَّاعي عَدُّوكم، قولوا: نَعَم [2992] يُنظر: ((البوهرة تاريخها وعقائدها ((لرحمة الله (ص: 288). .

انظر أيضا: