موسوعة الفرق

الفرْعُ العاشِرُ: المُتعةُ عِندَ الحُوثيِّين


المُتعةُ سِمةٌ من سِماتِ الشِّيعةِ الإماميَّةِ، ولا تقولُ بها الزَّيديَّةُ.
وأمَّا الحُوثيُّون فقد هَوَّنوا من شَأنِها وحُرمَتِها في بدايةِ أمرِهم؛ فشَيخُهم بَدرُ الدِّينِ لا يرى القَولَ بالمُتعةِ وإباحَتِها مُقتَضيًا للجَرحِ ولا موجِبًا له، بل يؤصِّلُ لها فيقولُ: (وأمَّا إباحةُ المُتعةِ فهي مَذهَبُ بَعضِ الصَّحابةِ كما في صَحيحِ مُسلمٍ والقائِلينَ بها في إثباتِها رِواياتٌ مَذكورةٌ في صَحيحِ مُسلمٍ وغَيرِه، وليس في نَسخِها ما يصِحُّ عِندَهم، وإن كان صَحيحًا عِندَ غَيرِهم، وعلى هذا فهم مُعتَمِدونَ على دَليلٍ شَرعيٍّ في اعتِقادِهم، فكيف يجرَحونَ بها في مَسألةٍ فرعيَّةٍ؟ ولو لزِمَ جَرحُهم بها للزِمَ مَن أثبتَها مِنَ الصَّحابةِ؛ لأنَّ الدِّينَ واحِدٌ والشَّريعةَ لا تَختَلفُ أحكامُها للصَّحابيِّ وغَيرِه، إلَّا ما كان فيه دَليلٌ خاصٌّ يُفرِّقُ بَينَ الصَّحابيِّ وغَيرِه، وليس في مَسألةِ المُتعةِ ما يدُلُّ على أنَّ القَولَ بها بَعدَ مَوتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ يجرَحُ به مَن عَدا الصَّحابةَ، ولا يُجرَحُ به مَن يُثبتُه مِنَ الصَّحابةِ ويجعَلُه باقيًا غَيرَ مَنسوخٍ، فالتَّفرِقةُ تَحَكُّمٌ واتِّباعٌ للهَوى) [2652] ((تحرير الأفكار)) (ص: 518، 519). .
وقَلَّل أحمَد لُطف الدَّيلميُّ من شَأنِ تَحريمِ المُتعةِ، فقال بَعدَ إيرادِه الخِلافَ وذِكرِ الأدِلَّةِ فيها: (ومَعَ هذا الخِلافِ وثُبوتِ القَولِ بها عن غَيرِهم، لا يجوزُ التَّشنيعُ على الإماميَّةِ وحدَهم بحِلِّها، فإمَّا أن تُشَنِّعوا على الجَميعِ بمَن فيهم مَن ذُكرَ، وإمَّا أن تقولُوا: المَسألةُ خِلافيَّةٌ، مَعَ أنَّا مَعشَرَ الزَّيديَّةِ بحَمدِ اللهِ وبتَلقِّينا دينِنا عن صَفوةٍ مُطَهَّرةٍ من آلِ بَيتِ رسولِ اللهِ لا نَقولُ بها) [2653] ((الزيدية بين محب وغالٍ)) (ص: 38). .
ويُرَوِّجُ الحُوثيُّون بَعضَ المَطبوعاتِ والكُتُبِ الحَديثةِ الطِّباعةِ، الأنيقةِ الإخراجِ، مِثلُ كِتابِ "المُتعَتانِ" الذي طُبعَ تَحتَ إشرافِ مَكتَبةِ الإمامِ الشِّيرازيِّ العالَميَّةِ [2654] يُنظر: ((الحرب في صعدة)) لعبد الله الصنعاني (1/33). .
كما قاموا بتَوزيعِ كتُبٍ عنِ المُتعةِ بَينَ أتباعِهم، وتَأليفِ الكُتُبِ التي تَعرِضُ لأقوالِ المُجيزينَ والمُحَرِّمينَ لها، وتَرجيحِ القَولِ بالجَوازِ، ومِن ذلك كِتابُ "نِكاحُ المُتعةِ بَينَ التَّحليلِ والتَّحريمِ" لأبي عَبدِ اللهِ صَقر بنِ جَميل المُشهريِّ، خَلصَ فيه بقَولِه: (الحَقُّ عِندي مَعَ مَن أجازَ هذا النِّكاحَ وصَحَّحَه، وهمُ الجُمهورُ؛ لجَوازِ المُتعةِ عِندي ولقوَّةِ أدِلَّةِ مَن صَحَّحَ هذا النِّكاحَ) [2655] ((نكاح المتعة بين التحليل والتحريم)) (ص: 144). .
ومِنَ الكُتُبِ التي كانوا يتَداولونَها فيما بَينَهم بشَكلٍ سِرِّيٍّ -كما يذكرُ بَعضُ الباحِثينَ في اليمَنِ -كِتابُ (زَواجُ المُتعةِ) [2656] يُنظر: ((التشيع في صعدة)) لعبد الرحمن المجاهد (1/49)، ((الزيدية المعاصرة في اليمن)) لدار الدراسات العلمية (ص: 46). .

انظر أيضا: