موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّالثُ: اعتِقادُ أنَّ لدى الأئِمَّةِ قُدراتٍ مُطلقةً


إنَّ مَن يقرَأُ مُعجِزاتِ الأئِمَّةِ لدَيهم -وهي تَبلُغُ مِئاتِ الرِّواياتِ- يُلاحِظُ أنَّ الأئِمَّةَ أصبَحوا مِثلَ رَبِّ العالَمينَ في الإحياءِ والإماتةِ، والخَلقِ والرِّزقِ [1078] يُنظر مثلًا: ((بحار الأنوار)) للمجلسي، باب جوامع معجزاته (يعنون عليًّا رضي اللهُ عنه) (42/17-50)، وباب ما ورد من غرائب معجزاته (42/50-56)، وجعلوا لقبرِه معجزاتٍ، وعقد لهذا المجلسيِّ بابًا بعنوان (ما ظهر عِندَ الضَّريحِ المقدَّسِ من المعجِزاتِ والكَراماتِ). (42/311-339). !
فرَووا عن أبي عَبدِ اللهِ قال: (إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ له خُؤولةٌ في بَني مَخزومٍ، وإنَّ شابًّا منهم أتاه فقال: يا خالي، إنَّ أخي ماتَ، وقد حَزِنتُ عليه حُزنًا شَديدًا، فقال: تَشتَهي أن تَراه؟ قال: بَلى، قال: فأرِني قَبرَه، قال: فخَرَجَ ومَعَه بُردةُ رَسولِ اللهِ مُتَّزِرًا بها، فلمَّا انتَهى إلى القَبرِ تَلملمَتْ شَفتاه ثُمَّ رَكضَه برِجلِه، فخَرَجَ من قَبرِه وهو يقولُ بلسانِ الفُرسِ، فقال أميرُ المُؤمِنينَ عليه السَّلامُ: ألم تَمُت وأنتَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ؟ قال: بَلى، ولكِنَّا مِتنا على سُنَّةِ فُلانٍ وفُلانٍ (أي: أبو بَكرٍ وعُمَرَ، فانقَلبَت ألسِنَتُنا!) [1079] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (1/457). .
ورَووا عن سَلمانَ الفارِسيِّ أنَّه قال: (لو أقسَمَ أبو الحَسَنِ على اللهِ أن يُحييَ الأوَّلينَ والآخِرينَ لأحياهم) [1080] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (41/201). !
وهذا الغُلوُّ يُشابِهُ ما عليه أتباعُ المَذاهِبِ الوثَنيَّةِ التي تَدَّعي في أصنامِها ومَعبوداتِها ما للرَّبِّ سُبحانَه مِن أفعالٍ! ويكفي في فسادِه مُجَرَّدُ تَصَوُّرِه؛ إذ هو مُخالفٌ للنَّقلِ والعقلِ، والسُّنَنِ الكونيَّةِ، كما هو مُناقِضٌ لواقِعِ الأئِمَّةِ وإقراراتِهم، ورَسولُ الهدى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ كما أمَرَه رَبُّه: قُل لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ [الأعراف: 188] .
وقد جاءَ في كُتُبِ الشِّيعةِ عن جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ أنَّه قال: (فواللهِ ما نحن إلَّا عَبيدُ الذي خَلقَنا واصطَفانا، ما نَقدِرُ على ضَرٍّ ولا نَفعٍ، وإنْ رَحِمَنا فبرَحمَتِه، وإنْ عَذَّبَنا فبذُنوبِنا، واللهِ ما لنا على اللهِ حُجَّةٌ، ولا مَعنا مِنَ اللهِ بَراءةٌ، وإنَّا لمَيِّتونَ ومَقبورونَ ومنشورون ومَبعوثونَ ومَوقوفونَ ومسؤولون، وَيْلَهم! ما لهم لعنَهم اللهُ؟! فقد آذَوا اللهَ وآذَوا رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قَبرِه، وأميرَ المُؤمِنينَ وفاطِمةَ والحَسَنَ والحُسَينَ وعَليَّ بنَ الحُسَينِ ومُحَمَّدَ بنَ عَليٍّ صَلواتُ اللهِ عليهم، أُشهِدُكم أنِّي امرُؤٌ ولدَني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما مَعي بَراءةٌ مِنَ اللهِ، إن أطَعتُه رَحِمَني، وإن عَصَيتُه عَذَّبَني عَذابًا شَديدًا) [1081] يُنظر: ((رجال الكشِّي)) (ص: 225، 226). .

انظر أيضا: