موسوعة الفرق

المطلَبُ الأوَّلُ: العَلاقةُ بَيْنَ الكَيْسانيَّةِ والمُختاريَّةِ


اختَلَف عُلَماءُ الفِرَقِ في الكَيْسانيَّةِ والمُختاريَّةِ: هل هما فِرقةٌ واحدةٌ تحمِلُ اسمينِ أم هما فِرقَتان مستقِلَّتانِ بَيْنَهما أوجُهُ توافُقٍ وصِلاتٌ مُشتَرَكةٌ؟
الرَّأيُ الأوَّلُ: أنَّ فِرقةَ الكَيْسانيَّةِ هي نفسُها فِرْقةُ المُختاريَّةِ نِسبةً إلى المُختارِ بنِ أبي عُبَيدٍ الثَّقَفيِّ [206] يُنظر: ((المقالات والفرق)) للقمي (ص: 21). ويُنظر: ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 27)، ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) لابن حزم (4/ 137)، ((التبصير في الدين)) للأسفراييني (ص: 33). .
فقيل: كَيْسانُ هو لَقَبٌ للمُختارِ نَفسِه، لُقِّب بكَيْسانَ نِسبةً إلى الغَدْرِ؛ لأنَّ كَيْسانَ في اللُّغةِ العَرَبيَّةِ اسمٌ للغَدْرِ، وكان المُختارُ كذلك [207] يُنظر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (2/ 275). .
وذهب المُؤَرِّخُ الشِّيعيُّ النُّوبَختيُّ إلى أنَّ هذا اللَّقَبَ أطلقه مُحمَّدُ بنُ الحَنَفيَّةِ على المُختارِ مَدحًا له أي: لكَيْسِه، ولِمَا عُرِف عنه من مذهَبِه في آلِ البيتِ [208] يُنظر: ((فرق الشيعة)) (ص: 48). .
وقيل: أُطلِق على المختارِ لَقبُ كَيْسانَ باسمِ مُديرِ شُرطتِه كَيْسانَ، والملقَّبُ بأبي عَمرةَ، الذي أفرَط في قَتلِ كُلِّ مَن اتَّهَمه بالمشاركةِ في قَتلِ الحُسَينِ رَضِيَ اللَّهُ عنه، فكان يَهدِمُ البيتَ على من فيه، حتى قيلَ في المثَلِ: (دَخَل أبو عَمْرةَ بَيتَه) كنايةً عن الفَقرِ والخَرابِ [209] يُنظر: ((المقالات والفرق)) للقمي (ص: 21)، ((فرق الشيعة)) للنوبختي (ص: 45). .
وقيل: أُطلِق على المختارِ لَقَبُ كَيْسانَ؛ لأنَّه أخَذ مقالتَه عن كَيْسانَ مولى عَليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه [210] يُنظر: ((المقالات والفرق)) للقمي (ص: 22)، ((فرق الشيعة)) للنوبختي (ص: 45)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 27). .
الرَّأيُ الثَّاني: أنَّ الكَيْسانيَّةَ فِرْقةٌ مُستقلَّةٌ، نسبةً إلى رجلٍ يُسَمَّى كَيْسانَ، قيل: إنَّه كان مولى لعَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رضي اللَّهُ عنه، وقيل: كان تلميذًا لمُحمَّدِ بنِ الحَنَفيَّةِ [211] يُنظر: ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/ 147). .
الرَّأيُ الثَّالثُ: أنَّ الكَيْسانيَّةَ فِرَقٌ متعَدِّدةٌ؛ منها فِرْقةُ المُختاريَّةِ [212] يُنظر: ((اعتقادات فرق المسلمين والمشركين)) للرازي (ص: 62). .
ويحتَمِلُ أنَّ الكَيْسانيَّةَ حينَ نشأت كانت فِرْقةً مستقلَّةً، ثُمَّ جاء المختارُ بنُ أبي عُبَيدٍ الثَّقَفيُّ فانضمَّ إليهم، فصارت الكَيْسانيَّةُ تُسَمَّى بالمُختاريَّةِ؛ لأنَّ المختارَ أشهَرُ من كَيْسانَ، وكان له ولأتباعِه أحداثٌ هامَّةٌ في التَّاريخِ، واللَّهُ أعلمُ بحقيقةِ الأمرِ، وقد انقَرَضت فِرْقةُ الكَيْسانيَّةِ والمُختاريَّةِ، وبَقِيت فِرْقةُ الزَّيديَّةِ، وفِرْقةُ الرَّافضةِ، وكُلُّها من فِرَقِ الشِّيعةِ [213] يُنظر: ((فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام)) لغالب عواجي (1/328). .

انظر أيضا: