موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: قَولُ الجَهْميَّةِ بإنكارِ الصِّراطِ


نقَلَ العُلَماءُ عن الجَهْميَّةِ مقالتَهم بإنكارِ الصِّراطِ، ونُسِب ذلك أيضًا إلى بعضِ أعيانِ وشُيوخِ المُعتَزِلةِ، كواصِلِ بنِ عطاءٍ، وعمرِو بنِ عُبَيدٍ، وأَبي الهُذيلِ، وبِشرِ بنِ المعتَمِرِ، وغيرِهم [261] يُنظر: ((التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع)) للملطي (ص: 110)، ((الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار)) للعمراني (3/ 720)، ((فتح الباري)) لابن حجر (13/ 538). .
قال المَلطيُّ: (الآثارُ جاءت بتكذيبِ جَهْمٍ في إنكارِه أنَّ اللهَ يُجيزُ على الصِّراطِ عبادَه) [262] ((التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع)) (ص: 110). .
وذكَر الخطيبُ البغداديُّ عن يحيى بنِ عليِّ بنِ عاصمٍ، قال: كنتُ عِندَ أبي فاستأذن عليه بِشرٌ المِرِّيسيُّ، فقُلتُ: يا أبتِ يدخُلُ عليك مِثلُ هذا؟ فقال: يا بُنيَّ، وما له؟! قال: قُلتُ: إنَّه يقولُ: القُرآنُ مخلوقٌ، وإنَّ اللهَ معه في الأرضِ، وإنَّ الجنَّةَ والنَّارَ لم يُخلَقا، وإنَّ مُنكَرًا ونَكيرًا باطِلٌ، وإنَّ الصِّراطَ باطِلٌ، وإنَّ السَّاعةَ باطِلٌ، وإنَّ الميزانَ باطِلٌ! مع كلامٍ كثيرٍ. فقال: أدخِلْه عَلَيَّ. فأدخَلْتُه عليه، فقال: يا بِشرُ ادْنُهْ، وَيلَكَ يا بِشرُ ادْنُه! مرَّتينِ أو ثلاثًا، فلم يَزَلْ يُدنيه حتى قَرُب منه، فقال: وَيلَكَ يا بِشرُ مَن تعبُدُ؟! وأين رَبُّك؟! فقال: وما ذاك يا أبا الحسَنِ؟ قال: أُخبِرتُ عنك أنَّك تقولُ: القُرآنُ مخلوقٌ، وإنَّ اللهَ معك في الأرضِ، مع كلامٍ كثيرٍ! ولم أرَ شيئًا أشَدَّ على أبي مِن قَولِه: إنَّ القُرآنَ مخلوقٌ، وإنَّ اللهَ معه في الأرضِ، فقال له: يا أبا الحسَنِ لم أجِئْ لهذا، إنَّما جِئتُ في كِتابِ خالِدٍ تقرؤُه علَيَّ، فقال له: لا، ولا كرامةَ! حتى أعلَمَ ما أنت عليه، أين ربُّك، وَيلَكَ؟! فقال له: أوَتُعفِيني؟ قال: ما كنتُ لأُعفِيَك، قال: أمَا إذ أبيتَ، فإنَّ ربِّي نورٌ في نورٍ، قال: فجعَلَ يزحَفُ إليه، ويقولُ: وَيْحَكم! اقتُلوه؛ فإنَّه -واللهِ- زنديقٌ، وقد كلَّمتُ هذا الصِّنفَ بخُراسانَ) [263] ((تاريخ بغداد)) (7/ 531). .

انظر أيضا: