الموسوعة الفقهية

المطلب الرابع: مكانُ وضعِ اليدينِ في السُّجودِ 


يُسَنُّ وضعُ اليدينِ حَذْوَ المَنْكِبَيْنِ وهذا مذهب الشافعيَّة والحنابلة. ينظر: ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (2/76)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/162) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/52)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/391). أو حَذْوَ الأُذُنينِ في السُّجودِ وهذا مذهب الحنفية. ينظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/116)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/335).  وروي عن بعض السَّلف، قال الزيلعي: (وروى الأثرم بإسناده عن وائل: أنه عليه الصلاة والسلام «سجد فجعل كفَّيه بحذاء أذنيه»، قال: ورُوي ذلك عن ابن عمر وسعيد بن جبير) ((تبيين الحقائق)) (1/116). ، وهذا مذهبُ المالكيَّةِ ((شرح الزرقاني على مختصر خليل) (1/377)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/249)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/285)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/328) واختارَه ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامة: (ويُستَحَبُّ أن يضع راحتيه على الأرض، مبسوطتينِ، مضمومتيِ الأصابِعِ بعضها إلى بعض، مستقبِلًا بهما القِبلة، ويضعهما حَذْوَ منكبيه، ذكره القاضي، وهو مذهب الشافعي؛ لقول أبي حميد: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وضَع كفيه حَذْوَ منكبيه، وروى الأثرم قال: رأيتُ أبا عبد الله سجد ويداه بحِذاء أذنيه، ورُوي ذلك عن ابن عمر، وسعيد بن جبير؛ لِمَا روَى وائل بن حُجْرٍ «أنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سجد فجعل كفَّيه بحذاءِ أُذُنَيه»؛ رواه الأثرم، وأبو داود، ولفظه: ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه، والجميع حسن) ((المغني)) (1/374). ، وابنُ بازٍ قال ابن باز: (فالسنَّةُ للمرأة أن تُصلِّي كما يُصلِّي الرجلُ؛ في الركوع، والسجود، والقراءة، ووضْع اليدين على الصَّدر، وغير ذلك، هذا هو الأفضل، وهكذا وضْعُمها على الركبتين في الركوع، وهكذا وضْعُهما على الأرض في السجود حيالَ المَنْكِبين أو حيال الأذنين) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/80). وقال أيضًا: (ومعلومٌ أنَّ السنَّة للمصلي في حالِ الركوع أن يضع كفَّيه على ركبتيه، وفي حال السجودِ أن يضعَهما على الأرضِ حيال مَنْكِبيه أو حيالَ أذنيه، وفي حال الجلوس بين السَّجدتين، وفي التشهُّد أن يضعَهما على فَخِذيه وركبتيه، على التفصيل الذي أوضحَتْه السنَّة في ذلك) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/132). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (وعلى هذا، يكون موضع اليدين على حذاء المنكبين، وإن شاء قدَّمهما وجعَلهما على حذاءِ الجبهة، أو فُروع الأذنين؛ لأن كلَّ هذا مما جاءت به السنَّةُ) ((الشرح الممتع)) (3/122).
الأدلَّة مِن السُّنَّة:
1- عن أبي حُمَيدٍ السَّاعديِّ رضيَ اللهُ عنه، وهو يَحكي صلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثم ركَع فوضَع يدَيْهِ على رُكبتَيْهِ كأنَّه قابضٌ عليهما، ووتَّرَ يدَيْهِ فتجافى عن جَنبَيْهِ، قال: ثم سجَدَ فأمكَنَ أنفَه وجبهتَه، ونحَّى يدَيْهِ عن جَنبَيْهِ ووضَع كفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثم رفَع رأسَه حتَّى رجَع كلُّ عَظْمٍ في موضعِه، حتَّى فرَغَ، ثم جلَس فافتَرَش رِجْلَه اليُسرى، وأقبَل بصدرِ اليُمنى على قِبْلتِه، ووضَع كفَّه اليمنى على رُكبتِه اليُمنى، وكفَّه اليُسرى على رُكبتِه اليُسرى وأشار بأُصبُعِه )) أخرجه أبو داود (734) واللفظ له، والترمذي (293)، وابن خزيمة (640) قال الترمذيُّ: حسن صحيح، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/331)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (734).
2- عن وائلِ بنِ حُجْرٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّيْتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكان إذا كبَّر رفَع يدَيْهِ ثم التحَفَ، ثم أخَذ شِمالَه بيمينِه، وأدخَل يدَيْهِ في ثوبِه، فإذا أراد أنْ يركَعَ أخرجَ يدَيْهِ ثم رفَعهما، وإذا أراد أنْ يرفَعَ رأسَه مِن الرُّكوعِ رفَع يدَيْهِ ثم سجَدَ، ووضَع وجهَه بين كفَّيْهِ وإذا رفَع رأسَه مِن السُّجودِ أيضًا رفَع يدَيْهِ حتَّى فرَغَ مِن صلاتِه )) رواه أبو داود (723)، وأحمد (4/317) (18886)، الطبراني (22/28) (61). احتج به ابن حزم في ((المحلى)) (4/92)، وذكر ثبوته ابن عبد البر في ((التمهيد)) (20/71)، وقال ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/367): أصله في مسلم، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (723).
عن وائلِ بنِ حُجرٍ: ((أنَّه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رفَعَ يَدَيه حين دخَلَ في الصَّلاةِ كبَّرَ- وصَفَّ همَّامٌ حِيالَ أذُنَيه- ثم التحَفَ بِثَوبِه، ثم وضعَ يَدَه اليُمنى على اليُسرى، فلمَّا أراد أن يركَعَ أخرَجَ يَدَيه مِن الثَّوبِ، ثم رفَعَهما، ثم كبَّرَ فركَع، فلما قال: سَمِعَ اللهُ لمِنَ حَمِدَه رفَعَ يَدَيه، فلما سجَدَ سجَدَ بين كَفَّيه )) [2297] رواه مسلم (401)

انظر أيضا: