الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: ضَمانُ الرَّهنِ إذا لم يتعَدَّ المُرتهِنُ أو لم يُفرِّطْ


الرَّهنُ أمانةٌ في يدِ المُرتهِنِ لا يضمَنُه إذا تلِف بغَيرِ تَعدٍّ أو تفريطٍ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [303] ((روضة الطالبين)) للنووي (4/96). ، والحنابِلةِ [304] ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/341). ، وهو قولُ الظَّاهِريَّةِ [305] قال ابنُ حزمٍ: (ووَجَدْنا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد قال: «إنَّ دماءَكم وأموالَكم عليكم حرامٌ» فلم يُحِلَّ لغريمِ المُرتَهِن شيئًا، ولا أن يَضمَنَ الرَّهنَ بغيرِ نَصٍّ في تضمينِه إلَّا أن يتعَّدى فيه، أو بأن يُضَيِّعَه، فيَضمَنُه حينئذٍ باعتدائِه في كلا الوجهَينِ. وكذلك الدَّينُ قد وجب فلا يُسقِطُه ذَهابُ الرَّهنِ؛ فصَحَّ يقينًا من هذينِ الأصلينِ الصَّحيحَينِ بالقرآنِ، والإجماعِ، والسُّنَّةِ: أنَّ هلاكَ الرَّهنِ من الرَّاهِنِ، ولا ضمانَ على المُرتَهِنِ، وأنَّ دَينَ المُرتَهِنِ باقٍ بحَسَبِه لازمٌ للرَّاهِنِ) ((المحلى)) (6/ 379)، ونسبه ابنُ عبدِ البرِّ لداود. يُنظَر: ((الاستذكار)) (7/ 135). ، وطائِفةٍ مِن السَّلفِ [306] منهم سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وابنُ شِهابٍ الزُّهريُّ، وعمرُو بنُ دينارٍ، ومُسلِمُ بنُ خالدٍ، وأبو ثَورٍ. يُنظَر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/ 135). ، وجُمهورِ أهلِ الحديثِ [307] يُنظَر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/ 135). ، وهو اختِيارُ الشَّوكانيِّ [308] قال الشَّوكانيُّ: (لا ضمانَ على المُرتَهِنِ إلَّا لجنايةٍ أو تفريطٍ؛ لأنَّه قد تسبَّب بذلك إلى تَلَفِها، ولا يَضمَنُ غيرَ ذلك كائنًا ما كان؛ لأنَّه أخذها بإذنِ مالِكِها في حقٍّ أثبته له الشَّرعُ وهو التوفُّقُ ببقائِها لديه في دَينِه الذي انتفع به مالِكُها) ((السيل الجرار)) (ص: 618). ، وذلك لأنَّه لو ضمِن لامتنَع النَّاسُ مِن فِعلِه خوفًا مِن الضَّمانِ، وذلك وسيلةٌ إلى تعطيلِ المُدايَناتِ، وفيه ضَررٌ عظيمٌ، وهو مَنفيٌّ شرعًا [309] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/341). .

انظر أيضا: