الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: أخْذُ المَوْقوفِ عليه بالشُّفْعةِ إذا بِيعَ النَّصيبُ الطِّلْقُ غَيْرُ الوَقْفِ


إذا كانَ العَقَارُ بعضُه وَقْفٌ وبعضُه الآخَرُ طِلْقٌ (ليس بوَقْفٍ) فإذا باعَ صاحِبُ القِسْمِ الطِّلْقِ (غَيْرِ الوَقْفِ) نَصيبَه يَجوزُ لشَريكِه المَوْقوفِ عليه أن يَأخُذَه بالشُّفْعةِ [162] كأنْ تكونَ أرْضٌ بَيْنَ اثْنَينِ، وهي على أحَدِهما وَقْفٌ، وعلى الثَّاني طِلْقٌ (ليست وَقْفًا)، فباعَ صاحِبُ النَّصيبِ الطِّلْقِ (غَيْرِ الوَقْفِ). ، وهو وَجْهٌ للشافِعِيَّةِ [163] ((فتح العزيز)) للرافعي (11/402)، ويُنظَرُ: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (7/234). ، وللحَنابِلةِ [164] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلح (5/147)، ((الإنصاف)) للمرداوي (6/207)، ويُنظَرُ: ((الكافي)) لابن قُدامةَ (2/241). ، واخْتِيارُ ابنِ عُثَيْمينَ [165] قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (أرْضٌ بَيْنَ اثْنَينِ، وهي على أحَدِهما وَقْفٌ، وعلى الثَّاني طِلْقٌ وليست وَقْفًا، فباعَ صاحِبُ النَّصيبِ الطِّلْقِ، فهل لشَريكِه المَوْقوفِ عليه أن يَشفَعَ؟ يَقولُ المُؤَلِّفُ: لا؛ لأنَّ المِلْكَ في الوَقْفِ قاصِرٌ وغَيْرُ تامٍّ؛ لأنَّ المَوْقوفَ عليه لا يَسْتَطيعُ أن يَبيعَ الوَقْفَ أو يَرهَنَه، فمِلْكُه إذًا غَيْرُ تامٍّ، وإذا كانَ غَيْرَ تامٍّ فكيف نُسَلِّطُه على أخْذِ مالِ المُشْتَري؟! ولكنَّ القَوْلَ الرَّاجِحَ في هذه المَسْألةِ أنَّ له الشُّفْعةَ، أي: للشَّريكِ الَّذي نَصيبُه الوَقْفُ أن يَأخُذَ بالشُّفْعةِ؛ لأنَّ العِلَّةَ الثَّابِتةَ فيما إذا كانَ المِلْكُ طِلْقًا هي العِلَّةُ الثَّابِتةُ فيما إذا كانَ وَقْفًا، بلِ العِلَّةُ فيما إذا كانَ وَقْفًا أَوضَحُ؛ لأنَّ هذا الوَقْفَ لا يُمكِنُ أن يَتَخلَّصَ مِنه المَوْقوفُ عليه، ولو كانَ طِلْقًا لكانَ إذا وَجَدَ الشَّريكَ الجَديدَ سَيِّئَ المُعامَلةِ يَبيعُ نَصيبَه ويَنْتَهي). ((الشرح الممتع)) (10/259). .
الأَدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قالَ: ((قَضى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالشُّفْعةِ في كُلِّ ما لم يُقسَمْ، فإذا وَقَعَتِ الحُدودُ وصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فلا شُفْعةَ)) [166] أخرجه البخاريُّ (2257) واللَّفْظُ له، ومُسلِمٌ (1608) مُطَوَّلًا. .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرَعَ الشُّفْعةَ فيما لم يُقسَمْ، وهو عامٌّ، ويَدخُلُ فيه الشَّرِكةُ في وَقْفٍ [167] ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيْمينَ (10/260). .
ثانِيًا: لأنَّ الشُّفْعةَ شُرِعَتْ لرَفْعِ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بالشَّرِكةِ، وتَضرُّرُ الشَّريكِ في الوَقْفِ أَشَدُّ مِن تَضَرُّرِ صاحِبِ المِلْكِ الطِّلْقِ (غَيْرِ الوَقْفِ) [168] ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيْمينَ (10/259). ويُنظَرُ: ((الكافي)) لابن قُدامةَ (2/241). .

انظر أيضا: