الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: هل يَلزَمُ عَقْدُ الجَعالةِ بَعْدَ الشُّروعِ في العَمَلِ؟


لا يَلزَمُ عَقْدُ الجَعالةِ بَعْدَ الشُّروعِ في العَمَلِ، فهو عَقْدٌ جائِزٌ [21] كأنْ يقولَ شَخْصٌ لآخَرَ: إذا بِعْتَ هذه البِضاعةَ فلك ألْفُ رِيالٍ، وفي أثْناءِ العَمَلِ فَسَخَ صاحِبُ البِضاعةِ العَقْدَ، وقالَ: لا تَبِعِ البِضاعةَ، تَنازَلْتُ عن كَلامي، فله الحَقُّ في ذلك؛ لأنَّ عَقْدَ الجَعالةِ غَيْرُ لازِمٍ. وسيَأتي الكَلامُ عمَّا يَسْتحِقُّه العامِلُ إذا هو فَسَخَ العَقْدَ، أو فَسَخَه الجاعِلُ (ص: 331 - 333). ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعِيَّةِ [22] نَصَّ الشَّافِعيَّةُ على أنَّه يَسْتحِقُّ أُجْرةَ المِثلِ لِما عَمِلَ إذا فَسَخَها الجاعِلُ. ((روضة الطالبين)) للنووي (5/273). ، والحَنابِلةِ [23] نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّه يَسْتحِقُّ أُجْرةَ المِثلِ لِما عَمِلَ إذا فَسَخَها الجاعِلُ. ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/206). ، واخْتِيارُ ابنِ عُثَيْمينَ [24] بشَرْطِ ألَّا يَتَضَرَّرَ مِن الفَسْخِ أحَدُ الطَّرَفَينِ؛ فتكونَ لازِمةً. قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (قَوْلُه: «ولكلٍّ» أي: لكلٍّ مِن الجاعِلِ والعامِلِ، قَوْلُه: «فَسْخُها» أي: الجَعالةِ؛ لأنَّ الجَعالةَ ليست عَقْدًا لازِمًا، فلو فُرِضَ أنَّ الرَّجُلَ قالَ: مَن رَدَّ بَعيري فله مِئةُ رِيالٍ، وبَعْدَ يَوْمَينِ رَجَعَ وقالَ: يا أيُّها النَّاسُ إنِّي قد فَسَخْتُ الجَعالةَ، فله ذلك، ومَن عَمِلَ بَعْدَ أن عَلِمَ بفَسْخِها فلا حَقَّ له؛ لأنَّ الجَعالةَ عَقْدٌ جائِزٌ، وكلُّ عَقْدٍ جائِزٍ مِن الطَّرَفَينِ فإنَّ لكلٍّ مِنهما فَسْخَه، إلَّا إذا قُصِدَ الإضْرارُ بالآخَرِ؛ لأنَّ جَميعَ المُباحاتِ مِن عُقودٍ وأفْعالٍ إذا تَضَمَّنَتْ ضَرَرًا على الآخَرينَ صارَتْ مَمْنوعةً، فلو تَضَمَّنَ ضَرَرًا على الآخَرِ فإنَّه لا يَجوزُ أن يُفسَخَ). ((الشرح الممتع)) (10/350). ، وذلك لأنَّ الجَعالةَ تُشبِهُ الوَصِيَّةَ مِن حيثُ إنَّها تَعْليقُ اسْتِحقاقٍ بشَرْطٍ، والرُّجوعُ عن الوَصِيَّةِ جائِزٌ، فكذلك في الجَعالةِ [25] ((فتح العزيز)) للرافعي (6/201). .

انظر أيضا: