الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّاني: حُكمُ خِيارِ الشَّرطِ


يَصِحُّ خِيارُ الشَّرطِ في البيعِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنَفيَّةِ ((الهداية)) للمَرْغِيناني (3/29)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/14). ، والمالكيَّةِ ((التاج والإكليل)) للمواق (4/409، 410)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/112). ، والشَّافعيَّةِ ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/341)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/12). ، والحنابِلةِ ((الفروع)) لابن مفلح (6/215)، ((الإقناع)) للحجاوي (2/85). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ قُدامةَ: (الضَّربُ الثاني: خيارُ الشرطِ، نحْو أنْ يَشترِطَ الخيارَ في البيعِ مدَّةً مَعلومةً، فيجوزُ بالإجماعِ)، ((الكافي)) (2/27).  وقال النَّوَويُّ: (اعلمْ أنَّ أقوى ما يُحتَجُّ به في ثُبوتِ خيارِ الشَّرطِ الإجماعُ، وقد نَقَلوا فيه الإجماعَ، وهو كافٍ... (أمَّا) الأحكامُ ففيها مَسائلُ؛ (إحداها): يصِحُّ شرطُ الخيارِ في البيعِ بالإجماعِ إذا كانت مدَّتُه مَعلومةً) ((المجموع)) (9/190). وقال العَينيُّ: (شرطُ الخيارِ جائزٌ بإجماعِ العُلماءِ والفقهاءِ) ((البناية)) (8/48). وقال ابنُ الهُمامِ: (شرطُ الخيارِ مُجمَعٌ عليه) ((فتح القدير)) (6/300). وخالفَ في ذلك ابنُ حَزمٍ، فأبطَله، وأجازه سُفيانُ الثَّوريُّ للمشتري فقطْ. يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/270)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/3).
الأدلَّةُ:
أوَّلًا: مِن الكتابِ
قولُه تعالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
1– عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُتبايعانِ كلُّ واحدٍ منهما بالخِيارِ على صاحبِه ما لم يَتفرَّقَا، إلَّا بَيعَ الخيارِ )) أخرجه البخاري (2111) واللفظ له، ومسلم (1531).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه: ((إلَّا بَيعَ الخِيارِ)) أي: إلَّا البيعَ الذي يُشترَطُ فيه الخيارُ، فيَثبُتُ فيه الخيارُ على حسَبِ ما شَرَطا قبْلَ التَّفرُّقِ يُنظر: ((المنتقى)) للباجي (5/55).
2- قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المسْلِمون على شُروطِهم)) أخرجه البخاري مُعَلَّقًا بصيغةِ الجزم قبل حديث (2274)، وأخرجه موصولًا أبو داود (3594)، والحاكم (2309) من حديثِ أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه. صحَّحه ابنُ حِبان في ((صحيحه)) (5091)، وصحَّح إسنادَه عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ في ((الأحكام الصغرى)) (718)، وقال النَّوويُّ في ((المجموع)) (9/367): إسنادُه حَسَنٌ أو صحيحٌ، وحسَّن إسنادَه ابن الملقِّن في ((خلاصة البدر المنير)) (2/69)، وابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/54)، وقال الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (3594): حسنٌ صحيحٌ.
ثالثًا: مِن الآثارِ
عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عنه قال: (إنَّ مَقاطِعَ الحقوقِ عندَ الشُّروطِ، ولك ما شرَطْتَ) أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (5151)، وأخرجه أيضًا بصيغة الجزم قبْل حديث (2721)، وأخرجه موصولًا ابنُ أبي شيبة (16706)، وسعيدُ بن منصور في ((السنن)) (663 ). صحَّح إسنادَه على شرط الشيخينِ الألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (6/304)، وصحَّحه (1891) بلفظ: (مقاطعُ الحقوقِ عند الشروطِ).

انظر أيضا: