الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: ما يثبُت بالنِّفاسِ من الأحكام


إذا نفِسَت المرأة فلها حُكمُ الحائِضِ في الأحكام كلِّها، فيحرُمُ عليها ما يحرُمُ على الحائض؛ كالصَّلاةِ والصَّومِ، وطوافِ الوداعِ، والوطءِ، ويحرُمُ طلاقُها، ويلزَمُها الغُسلُ إذا طَهُرت، وقضاءُ الصَّومِ لا قضاءُ الصَّلاةِ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ جريرٍ الطبريُّ قال ابن رجب: (دمُ النِّفاس حُكمُه حُكمُ دَمِ الحيض فيما يُحرِّمُه ويُسقِطُه، وقد حكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ مِن العلماء، منهم: ابنُ جرير، وغيره). ((فتح الباري)) (1/546). ، وابنُ حزم قال ابن حزم: (دم النِّفاسِ يمنَعُ ما يمنَعُ منه دمُ الحيضِ، هذا لا خلافَ فيه من أحدٍ، حاشَا الطَّواف بالبيت... ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا فَرَأَيْنَا أَنَّ النِّفَاسَ حَيْضٌ صَحِيحٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيْضِ فِي كُلِّ شَيْءٍ) ((المحلى)) (1/400). ، وابنُ رشد قال ابن رشد: (أجمعوا على أنَّه دمُ نِفاس، وأنَّ حُكمَه حُكمُ الحيضِ في مَنعِه الصَّلاةَ، وغيرِ ذلك من أحكامه). ((بداية المجتهد)) (1/59). ، وابن قدامة قال ابن قدامة: (حُكمُ النُّفساءِ حُكم الحائضِ في جميعِ ما يحرُمُ عليها، ويسقُطُ عنها، لا نعلَمُ في هذا خلافًا، وكذلك تحريمُ وَطئِها، وحِلُّ مُباشرتِها، والاستمتاعُ بما دون الفرْجِ منها، والخلافُ في الكفَّارةِ بِوطئِها). ((المغني)) (1/254). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (أمَّا كونُ النِّفاس كالحيض في تحريمِ الوطء، وترْكِ الصِّيامِ والصَّلاةِ؛ فلا خلافَ في ذلك). ((الدراري المضية)) (1/70).
ثانيًا: أنَّ دمَ النِّفاسِ هو دم الحيض، وإنَّما امتنع خروجُه مدَّة الحمل؛ لكونِه ينصرف إلى غِذاءِ الحَملِ، فإذا وُضِعَ الحَملُ، وانقطع العِرقُ الذي كان مَجْرى الدَّمِ، خرج الدَّمُ من الفَرْج، فيثبُت حُكمه، كما لو خرج من الحائِضِ قال ابن حزم: (النِّفاس حيضٌ صحيحٌ، وحُكمُه حُكم الحيضِ في كلِّ شيء). ((المحلى)) (1/400)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/254). قال النوويُّ: (قال المصنِّف رحمه الله- أي: الشيرازي صاحِب المهذَّب-: دَمُ النفاس يُحرِّم ما يحرِّمُه الحيضُ، ويُسقِطُ ما يُسقِطُه الحيضُ؛ لأنَّه حيضٌ مُجتمِعٌ، احتبس لأجْل الحَملِ، فكان حُكمُه حُكمَ الحَيضِ). ((المجموع)) (2/518).

انظر أيضا: