الموسوعة الفقهية

 المطلب الثَّاني: أنْ تُصِيبَ الآلةُ الصَّيْدَ بحَدِّها فتَجْرَحَه


يُشترَطُ في حِلِّ الصَّيْدِ أنْ تُصِيبَ الآلةُ الصَّيْدَ بحَدِّها فتَجْرَحَه، لا بعَرْضِها ولا بثِقَلِها، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [261] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (11/189)، ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/123)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلعي (6/59)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (8/260).   ، والمالِكيَّةِ [262] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/215)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/421).   ، والشَّافِعيَّةِ [263] ((المجموع)) للنَّووي (9/11)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/274).   ، والحنابلةِ [264] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/206)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/315)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/219).   ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلفِ [265] قال ابن قُدامةَ: (وهذا قولُ عليٍّ، وعثمانَ، وعَمَّارٍ، وابنِ عبَّاسٍ. وبه قال النَّخَعيُّ، والحَكَمُ، ومالِكٌ، والثَّوْريُّ، والشَّافِعيُّ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ). ((المغني)) (9/383).  
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قولُه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ إلى قولِهِ: وَالْمَوْقُوذَةُ [المائدة: 3]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الصَّيدَ المقتولَ بثِقَلِه وَقِيذٌ؛ فلا يَحِلُّ بنَصِّ الآيةِ [266] ((المبدع)) لابن مفلح (9/206).  
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن عَدِيِّ بنِ حاتمٍ رضي الله عنه، قال: ((قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أُرسِلُ كلْبي وأُسَمِّي... وسألْتُه عن صَيدِ المِعْراضِ [267] المِعْراض- كمِحْراب-: سهمٌ يُرمَى به بلا ريشٍ ولا نَصْلٍ. وقيل: هو مِن عِيدانٍ، دقيق الطَّرَفين، غليظُ الوَسَطِ، كهيئةِ العودِ الَّذي يُحْلَجُ به القُطنُ، فإذا رَمَى به الرَّامي ذَهَب مُستَويًا، ويُصيبُ بعَرْضِه دُونَ حَدِّه، وربَّما كانت إصابتُه بوسَطِه الغليظِ فكَسَرَ ما أَصابَه وهَشَمَه، فكان كالمَوْقوذةِ، وإنْ قَرُبَ الصَّيدُ منه أصابَه بموضعِ النَّصْلِ منه فجَرَحَه. يُنظر: ((تاج العروس)) للزَّبِيديِّ (18/414)، ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/383).   ، فقال: إذا أَصَبْتَ بحَدِّه فكُلْ، وإذا أَصَبْتَ بعَرْضِه [268] أي: بغيرِ طَرَفِه المُحدَّدِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/600).   فقَتَل فإنَّه وَقِيذٌ؛ فلا تَأكُلْ )) [269] أخرجه البخاري (5476)، ومسلم (1929).  
ثالثًا: أنَّ ما قَتَله بحَدِّه بمنزلةِ ما طَعَنه برُمْحِه، أو رماهُ بسهمِه، ولأنَّه مُحَدَّدٌ خَرَقَ وقَتَل بحَدِّه، وما قَتَلَ بعَرْضِه إنَّما يَقتُلُه بثِقَلِه، فهو مَوْقوذٌ، كالَّذي رماهُ بحَجَرٍ [270] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/383).  
رابعًا: أنَّ عِلَّةَ الحِلِّ الجَرحُ، وحيث لم يوجَدْ لم يَحِلَّ الصَّيدُ [271] ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/219).  

انظر أيضا: