الموسوعة الفقهية

الفرع الأوَّلُ: حُكمُ ذَبيحةِ أهلِ الكِتابِ


يَحِلُّ أكلُ ذَبيحةِ أهلِ الكِتابِ إذا كانت مِمَّا يَحِلُّ في شَرْعِنا [256] ذهب مالِكٌ وبعضُ الحنابلة إلى تحريمِ ما حُرِّمَ عليهم منها، كالشَّحمِ. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للمواق (3/212)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/5)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/306)، ((المغني)) لابن قدامة (9/403).   ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [257] ((الفتاوى الهندية)) (5/285)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/46).   ، والمالِكيَّةِ [258] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/7)، ((منح الجليل)) لعليش (2/412).   ، والشَّافِعيَّةِ [259] ((فتح العزيز)) للرافعي (12/5)، ((المجموع)) للنووي (9/75).   ، والحَنابِلةِ [260] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/306)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/211)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/403).   ، وهو مَذهَبُ الظَّاهِريَّة [261] قال ابنُ حزم: (وكلُّ ما ذبَحَه أو نَحَره يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ- نساؤُهم أو رجالُهم-: فهو حلالٌ لنا، وشُحومُها حلالٌ لنا إذا ذكروا اسمَ اللهِ تعالى عليه، ولو نحر اليهوديُّ بعيرًا أو أرنبًا حَلَّ أكلُه، ولا نبالي ما حُرِّمَ عليهم في التوراةِ وما لم يحَرَّمْ). ((المحلى)) (6/143). وقال: (وقولُنا هو قولُ سُفيانَ الثوري، والأوزاعيِّ، والليثِ بنِ سعد، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وأبي سليمان، وأحمدَ، وإسحاقَ، وأصحابِهم) ((المحلى)) (6/146).   ، وقَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ [262] قال ابنُ حزمٍ: (وقد رُوِّينا عن عُمَرَ بنِ الخَطَّاب، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وعائشةَ أمِّ المؤمنين، وأبي الدرداء، وعبدِ الله بن يزيد، وابن عباس، والعِرباضِ بنِ سارية: وأبي أُمامة، وعُبادة بنِ الصَّامت، وابن عمر: إباحةُ ما ذبَحَه أهلُ الكتاب دونَ اشتراطٍ لِما يستَحِلُّونَه مِمَّا لا يستَحِلُّونَه. وكذلك عن جمهورِ التَّابعينَ، كإبراهيم النَّخَعي، وجُبَير بن نفير، وأبي مسلم الخَوْلاني، وضَمرة بن حبيب، والقاسم بن مخيمرة، ومكحول، وسعيدِ بنِ المسَيِّب، ومجاهد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والحسن، وابنِ سيرين، والحارثِ العكلي، وعطاءٍ، والشعبي، ومحمد بن علي بن الحسين، وطاوس، وعمرو بن الأسود، وحماد بن أبي سليمان، وغيرهم). ((المحلى)) (6/146).  
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قَولُه تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة: 5]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المرادَ بذلك ما ذَكَّوه لا ما أكَلُوه؛ لأنَّهم يأكُلونَ الخِنزيرَ والمَيتةَ والدَّمَ، ولا يحِلُّ لنا شَيءٌ مِن ذلك بإجماعٍ منهم ومنَّا؛ فإذ ذلك كذلك فلم يشتَرِطِ اللهُ تعالى ما أكَلوه مِمَّا لم يأكُلوه [263] ((المحلى)) لابن حزم (6/144). ونقل ابنُ كثير في تفسيره عن ابْن عَبَّاسٍ، وأبي أُمامةَ، ومُجاهِد، وسعيد بْن جُبَير، وعِكْرِمة، وعطاء، والحسَن، ومَكحول، وإبراهِيم النَّخَعِي، والسُّدِّي، ومُقاتل بن حيَّان: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ: يعني: ذَبائِحَهم. يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (3/4).  
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن عبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ ري الله عنه قال: ((دُلِّيَ جِرابٌ مِن شَحمٍ يومَ خَيبرَ، قال: فأتيتُه فالتزَمْتُه، قال: ثمَّ قُلتُ: لا أُعطي مِن هذا أحدًا اليومَ شَيئًا. قال: فالتَفَتُّ، فإذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتبَسَّمُ إليَّ )) [264] أخرجه البخاري (3153)، ومسلم (1772)، وأبو داود (2702) واللفظ له.  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا تقريرٌ منه صَلَّى الله تعالى عليه وسَلَّم على تناوُلِه [265] ((حاشية السندي على سنن النسائي)) (7/237).  

انظر أيضا: