الموسوعة الفقهية

المبحث الرَّابع: السَّرَطان [492] بفتح السين والرَّاءِ المهملتين وبالنون في آخره، حَيوانٌ بحْريٌّ مِنَ القشريات العشريَّاتِ الأرجُلِ، ويُسمَّى عَقربَ الماءِ، وكُنيتُه أبو بحرٍ، وهو مِن خلْقِ الماءِ، ويعيش في البَرِّ أيضًا يُنظر: ((حياة الحيوان الكبرى)) للدَّميري (2/27)، ((تاج العروس)) للزَّبيدي (19/344)، ((المعجم الوسيط)) (1/427)  


يُباحُ أكلُ السَّرطانِ، وهذا مَذهبُ المالكيَّةِ [493] ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/437)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (1/41). ويُنظر: ((النوادر والزيادات)) لابن أبي زيد القَيرواني (4/358)، ((المعونة)) للقاضي عبد الوهاب (ص 700). ، والحنابلةِ [494] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (3/347)، (10/289)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/204). ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ [495] قال ابنُ المُنذِرِ: (وقال الثَّوريُّ في السَّرَطانِ: أرجو أنْ لا يَكونَ به بأسٌ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (3/467). وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (قال ابنُ أبي ليلى: كلُّ شيْءٍ في البحرِ مِنَ الضِّفدَعِ والسَّرَطانِ وحَيَّةِ الماءِ وغيرِها حلالٌ حَيًّا ومَيِّتًا). ((الاستذكار)) (5/284). وقال ابنُ حَزْم: (رُوِّينا عن عَطاءٍ إباحةَ أكْلِ السُّلَحْفاةِ، والسَّرَطانِ). ((المحلى)) (6/84). ، واختارَه ابنُ حَزْم [496] قال ابنُ حَزْم: (والسُّلَحْفاةُ البَرِّيَّةُ والبَحْريَّةُ حلالٌ أكلُها وكذلك... السَّرَطانُ... وكلُّ ما أَمكَن أنْ يُذكَّى ممَّا لم يُفصَّلْ تحريمُه). ((المحلى)) (6/84). ، والشِّنقيطيُّ [497] قال الشِّنقيطيُّ: (وحُجَّتُه «أي: مالك» في إباحةِ مَيتةِ الحَيوانِ البَحْريِّ، كان يعيشُ في البَرِّ أو لا: قولُه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ [المائدة: 96] ، ولا طعامَ له غيرُ صَيدِه إلَّا مَيتَتُه، كما قالَه جمهورُ العلماءِ، وهو الحقُّ). ((أضواء البيان)) (1/50). ، وبه أَفتَتِ اللَّجنةُ الَّدائمةُ [498] جاء في فتوى اللَّجنةِ الَّدائمةِ: (السَّرَطانُ الأصلُ فيه الحِلُّ؛ لأنَّه حيوانٌ بَحْريٌّ؛ لقول اللهِ تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة: 96] ). ((فتاوى اللَّجنة الَّدائمة - المجموعة الأولى)) (22/324).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
1- قولُه تعالى: كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا [البقرة: 168] ، مع قولِه تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ [الأنعام: 119]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لم يُفصَّلْ لنا تحريمُ السَّرَطانِ؛ فهو حلالٌ كلُّه وما تَولَّد منه [499] ((المحلى)) لابن حَزْم (6/84).
2- قولُه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ [المائدة: 96]
وجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّ اسمَ الصَّيدِ يَقَعُ على السَّمَكِ وغيرِه مِن حيوانِ البحرِ؛ فيَقتَضي أنْ يَكونَ الكلُّ حلالًا [500] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/35).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن أبي هُريرةَ رضِيَ الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في البحرِ: ((هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه )) [501] أخرجه أبو داودَ (83)، والتِّرْمذيُّ (69)، والنَّسائيُّ (59)، وابنُ ماجَهْ (386)، وأحمدُ (8735). وصحَّحه البُخاريُّ كما في ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (1/197). وقال التِّرْمذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ. وأخرجه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (1243). وصحَّحه ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التَّمهيد)) (16/217)، وقال: لأنَّ العلماء تَلقَّوْه بالقَبولِ. وكذا صحَّحه النَّوويُّ في ((المجموع)) (1/82).
وجهُ الدَّلالةِ:
 أنَّه وَصَف مَيتةَ البحرِ بالحِلِّ مِن غيرِ فصْلٍ بيْن السَّمَكِ وغيرِه [502] ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (23/13)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/35). ، وقد تَقرَّر في الأصولِ أنَّ المفردَ إذا أُضيف إلى معرفةٍ كان مِن صِيَغِ العُمومِ... فقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَيْتتُه)) يَعُمُّ بظاهِرِه كلَّ مَيْتةٍ ممَّا في البحرِ [503] ((أضواء البيان)) للشِّنقيطي (1/51).

انظر أيضا: