الموسوعة الفقهية

الفرع الثاني: فَصُّ الخاتَمِ


المسألة الأولى: فَصُّ الخاتَمِ مِن الفِضَّةِ
يجوزُ للرَّجُلِ أن يجعَلَ في خاتَمِ الفِضَّةِ فَصًّا من الفضة [827] وما ليس له فَصٌّ، وهو ما يُسَمَّى اليومَ بـ (الدِّبْلة) فحُكمُه كحُكمِ الخاتَمِ ذي الفَصِّ، على ألَّا يكونَ في لُبسِه اعتقاداتٌ باطِلةٌ عند الزَّواجِ وغَيِره. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (4/463)، ((تحفة المحتاج)) لابن حَجَر الهيتمي (3/275). وقال ابنُ عثيمين: (أمَّا الدِّبلةُ، فهذه إن كان يصحَبُها اعتقادٌ بأنَّ المرأةَ إذا لَبِسَت الخاتَمَ المكتوبَ عليه اسمُ زوجِها كان ذلك سببًا لبقائِها معه، فإنَّ هذا عقيدةٌ فاسِدةٌ باطِلةٌ، ولا يجوزُ للإنسانِ أن يَحمِلَ هذا الفِكرَ السَّيِّئَ، وإذا كان مجرَّد خاتَمٍ مَعهودٍ، لكن الزَّوجَ لا يتولَّى إلباسَه المخطوبةَ، فلا بأسَ بذلك). ((نور على الدرب)) (10/108). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعة: الحَنَفيَّة [828] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/11)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/115). ، والمالِكيَّة [829] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (1/182)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (1/68)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/449). ، والشَّافعيَّة [830] ((تحفة المحتاج)) لابن حَجَر الهيتمي (3/276). ، والحَنابِلة [831] ((تصحيح الفروع)) للمرداوي (4/151)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/274).
الدليل مِنَ السُّنَّة:
عن أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان خاتَمُه مِن فِضَّةٍ، وكان فَصُّه منه )) [832] أخرَجَه البُخاريُّ (5870).
المسألة الثانية: فَصُّ الخاتَمِ مِن غَيرِ الفِضَّةِ
 يجوزُ للرَّجُلِ أن يجعَلَ في خاتَمِ الفِضَّةِ فَصًّا مِن غَيرِ الفِضَّةِ [833] عدا الذَّهَب. ؛ نَصَّ عليه الحَنَفيَّةُ [834] ((تببين الحقائق للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (6/16)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني  (12/115). ، والشَّافعيَّةُ [835] ((تحفة المحتاج)) لابن حَجَر الهيتمي (3/276). ، والحَنابِلةُ [836] ((الفروع لابن مفلح مع تصحيح الفروع)) للمرداوي (4/151)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/274).
الأدلة:
أولًا: مِن الكِتابِ
قَولُه تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ [الأعراف: 32]
وَجهُ الدَّلالةِ:
دلَّت الآيةُ على أنَّ الأصلَ في أنواعِ التجَمُّلاتِ والزينة الإباحةُ [837] يُنظر: ((محاسن التأويل)) للقاسمي (5/46).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه، قال: ((كان خاتَمُ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن وَرِقٍ، وكان فَصُّه حَبَشيًّا )) [838] أخرجه مُسْلِم (2094).
وَجهُ الدَّلالةِ:
يعني بالحَبَشيِّ: أنَّ الفَصَّ مِن جَزْعٍ أو عقيقٍ؛ فإنَّ مَعدِنَهما بالحَبَشةِ واليَمَنِ [839] ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/71). ، ففيه دَلالةُ على جوازِ اتخاذِ الفصِّ من غيرِ الفضَّةِ.
المسألة الثالثة: مَوضِعُ فَصِّ الخاتَمِ مِن اليَدِ
يُستحَبُّ للرَّجُلِ جَعلُ فَصِّ خاتَمِه في باطِنِ كَفِّه [840] قال النووي: (قوله: «وكان إذا لَبِسَه جعَلَ فَصَّه مِمَّا يلي بطنَ كَفِّه» قال العُلَماء: لم يأمُر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك بشيءٍ، فيجوزُ جَعلُ فَصِّه في باطِنِ كَفِّه وفي ظاهرِها، وقد عَمِلَ السَّلَفُ بالوجهينِ، وممَّن اتَّخَذه فى ظاهِرها ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنه، قالوا: ولكِنَّ الباطنَ أفضَلُ؛ اقتداءً به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولأنَّه أصوَنُ لِفَصِّه وأسلَمُ له وأبعَدُ مِن الزَّهوِ والإعجابِ). ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/69). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعة: الحَنَفيَّة [841] ((الجوهرة النيرة على مختصر القدوري)) للحدادي (2/282)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/116). ، والمالِكيَّة [842] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/450). ، والشَّافعيَّة [843] ((المجموع )) للنووي (4/463)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/309). ، والحَنابِلة [844] ((الإنصاف)) للمرداوي (3/103)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/274).
الأدِلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: ((اتخذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خاتَمًا مِن ذَهَبٍ، ثمَّ ألقاه، ثمَّ اتخَذَ خاتَمًا مِن وَرِقٍ، ونقَشَ فيه: محمَّدٌ رَسولُ اللهِ، وقال: لا يَنقُشْ أحدٌ على نَقْشِ خاتَمي هذا، وكان إذا لَبِسَه جعَلَ فَصَّه مِمَّا يلي بطْنَ كَفِّه )) [845] أخرجه مُسْلِم (2091).
ثانيًا: لأنَّ ذلك أصوَنُ لفَصِّه [846] ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/69).
ثالثًا: لأنه أسلَمُ له وأبعَدُ مِن الزَّهوِ والإعجابِ [847] ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/69).

انظر أيضا: