الموسوعة الفقهية

الفصل الثَّالث: حُكْمُ المَبيتِ بالمُزْدَلفةِ


المبيتُ بالمُزْدَلِفة قال ابنُ رُشد: (وأجمَعوا على أنَّ مَن بات بالمزدلفةِ ليلةَ النَّحر، وجمَع فيها بين المغرب والعِشاء مع الإمام، ووقَف بعد صلاة الصُّبح إلى الإسفار بعدَ الوقوف بعرفةَ - أنَّ حجَّه تامٌّ، وأنَّ ذلك الصِّفةُ التي فعَل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم). ((بداية المجتهد)) (2/115).           وقال النوويُّ: (المَبيتُ بمزدلفةَ ليلةَ النَّحر بعد الدَّفعِ من عرفاتٍ، نُسكٌ، وهذا مُجمَعٌ عليه). ((شرح النووي على مسلم)) (8/188).           وقال: (إذا وصَلوا مُزدلفةَ وحلُّوا، باتوا بها، وهذا المَبيتُ نُسُكٌ بالإجماع). ((المجموع)) (8/134). واجبٌ مِن واجباتِ الحَجِّ، وهذا مذهب الجمهور قال النووي: (وبهذا قال جماهيرُ العُلَماءِ مِنَ السَّلَف والخَلَف) ((المجموع)) (8/150). ، المالِكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (2/44)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/169). ، والشَّافعيَّة في الأصَحِّ ((المجموع)) للنووي (8/134)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/499). والحَنابِلة ((الفروع)) لابن مفلح (6/ 69)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/376)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/441). وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ قال شمس الدين ابن قُدامة: (هذا قول عطاء والزهري وقتادة والثوري والشافعي وإسحاق وأبي عبيد) ((الشرح الكبير)) (3/441).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 199]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
الأصلُ في الأَمْرِ الوجوبُ حتَّى يقومَ دليلٌ على صَرْفِه عن الوجوبِ ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/51)
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عُرْوةَ بنِ مُضَرِّسِ بنِ أوسِ بنِ حارثةَ بنِ لامٍ الطَّائيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُزْدَلِفةِ حين خرج إلى الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي جِئْتُ مِن جَبَلِ طَيِّئٍ، أكْلَلْتُ راحلتي، وأتعبْتُ نفسي، واللهِ، ما تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ الحَبْل: المسْتَطيل مِنَ الرَّمْل. ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/333). (قال العراقي: المشهور في الرواية فتح الحاء المهملة وسكون الموحدة وهو ما طال مِنَ الرمل وروي بالجيم وفتح الباء قاله الترمذي في بعض النسخ ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (3/542). إلَّا وقفْتُ عليه، فهل لي مِن حَجٍّ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن شَهِدَ صلاتَنا هذه ووقَفَ معنا حتى ندفَعَ، وقد وقَفَ بعَرَفة قبلُ ليلًا أو نهارًا؛ فقد أتمَّ حَجَّه وقضى تَفَثَه )) رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891) واللفظ له، والنسائي (3041)، وأحمد (16253). قال الترمذي: حسن صحيح، وصحَّحه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/208)، وأبو أحمد الحاكم في ((المدخل)) (52)، وذكر الدارقطني في ((الإلزامات والتتبع)) (84) أنه يلزم البخاري ومسلم إخراجه، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/221): صحيح ثابت.
2- حديث جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((حتى أتى المُزْدَلِفة، فصلَّى بها المغرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامَتينِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى طَلَعَ الفجرُ، وصلَّى الفجرَ حين تبيَّنَ له الصُّبْحُ بأذانٍ وإقامةٍ، ثم ركِبَ القصواءَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ... )) رواه مسلم (1218)

انظر أيضا: