الموسوعة الفقهية

تمهيدٌ: التعريفُ بيومِ عَرَفةَ، والفَرْقُ بين عَرَفةَ وعَرَفاتٍ، وفضائِلُ هذا اليومِ


أوَّلًا: تعريفُ يومِ عَرَفة والفَرْقُ بين عَرَفةَ وعَرَفاتٍ
1- تعريفُ يومِ عَرَفةَ
يومُ عَرَفةَ: هو التَّاسِعُ مِن ذي الحِجَّةِ.
وعَرَفةُ أو عَرَفاتٌ لأهلِ العلم في سبب التسميةِ بهذا الاسم أقوالٌ؛ فمنها: أن هذه البقعةُ سُمِّيتْ بعَرفات؛ لأنَّ آدمَ وحوَّاءَ عليهما السلام تعارفَا بها بعد نزولهما مِنَ الجنة، وقيل: لأنَّ جبريلَ عليه السلام لَمَّا علَّم إبراهيمَ عليه السلام المناسكَ وأراه المشاهِدَ، قال له: أعَرَفْتَ أعَرَفْتَ؟ قال إبراهيم: عَرَفْتُ عَرَفْتُ. وقيل: التسمية مأخوذة مِنَ العَرْفِ وهو الطِّيبُ؛ لأنَّها بُقعةٌ مقدَّسة معظَّمة، كأنها عُرِّفَتْ أي طُيِّبتْ. وقيل: لتعرُّفِ العبادِ فيها إلى الله تعالى بالعباداتِ والأدعيةِ. يُنْظَر: ((المفردات)) للراغب (ص: 561)، ((تفسير القرطبي)) (2/415)، ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (1/ 836)، ((تاج العروس)) للزبيدي (24/ 137). : موقِفُ الحاجِّ ذلك اليومَ، وهي على نحو (23 كيلومترًا تقريبًا) شرقِيَّ مكَّةَ ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (1/ 836)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/ 404)، ((المجموع)) للنووي (8/105-111)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/492), ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (30/61) ((أطلس الحديث النبوي)) (ص: 265).
2- الفرقُ بين عَرَفةَ وعرفاتٍ
عَرَفة وعَرَفات؛ قيل: هما بمعنًى واحدٍ؛ فكِلاهما عَلمٌ للمَوقِف، واسمٌ للبُقعةِ المعروفةِ التي يجِبُ الوقوفُ بها. وقيل: إنَّ (عرفات) فقط هو الاسمُ للجَبَل أو للبُقعةِ المعروفةِ، وأمَّا (عَرَفة) فليس اسمًا للموقِف، بل المرادُ به هو يومُ الوقوفِ بعَرَفاتٍ.
وأمَّا لفظ (عرفات)؛ فقيل: هو اسمٌ في لفْظِ الجَمْعِ؛ فلا يُجمَعُ. وقيل: إنَّ (عرفات) جمْعُ (عَرَفة)، كأنَّ كلَّ قطعةٍ من تلك الأرضِ عَرَفة، فسُمِّي مَجموعُ تلك القِطعة بعرفاتٍ. وقيل: بل الاسمُ جمْعٌ والمسمَّى مُفرَدٌ ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1401- 1402) ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 354)، ((المغرب في ترتيب المعرب)) للمطرزي (ص: 312)، ((شرح الرضي على الكافية لابن الحاجب)) (3/ 259)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/ 404)، ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (1/ 836)، ((تاج العروس)) للزبيدي (24/ 137).
ثانيًا: فضائِلُ يومِ عَرَفة
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما مِن يومٍ أكثَرَ مِن أن يُعْتِقَ اللهُ فيه عبدًا مِنَ النَّارِ، من يومِ عَرَفةَ، وإنَّه لَيَدْنو، ثم يُباهِي بهم الملائكةَ، فيقول: ما أرادَ هؤلاءِ؟ )) رواه مسلم (1348).
2- عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رجلًا مِنَ اليهودِ قال: يا أميرَ المؤمنينَ، آيةٌ في كتابِكم تَقْرَؤُونها، لو علينا- معشَرَ اليهودِ- نَزَلَت، لاتَّخَذْنا ذلك اليومَ عيدًا، قال: أيُّ آيةٍ؟ قال: اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3] قال عُمَرُ: قد عَرَفْنا ذلك اليومَ، والمكانَ الذي نَزَلَتْ فيه على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو قائمٌ بعَرَفةَ يومَ جُمعةٍ رواه البخاري (45) واللفظ له، ومسلم (3017).
3- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صيامُ يومِ عَرَفةَ، أحتسِبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَة التي قَبْلَه، والسَّنةَ التي بَعْدَه )) رواه مسلم (1162).
4- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((ما العمَلُ في أيَّامِ العَشْرِ أفضَلَ مِنَ العَمَلِ في هذه))، قالوا: ولا الجهادُ؟ قال: ((ولا الجهادُ، إلَّا رجلٌ خرج يخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلم يرجِعْ بشيءٍ )) رواه البخاري (969)
ويومُ عَرَفةَ هو اليومُ التَّاسِعُ من هذه الأيامِ العَشْرِ، فيَشْمَلُه ذلك الفَضْلُ ((فتح الباري)) لابن حجر (2/460).

انظر أيضا: