الموسوعة الفقهية

المبحث السابع: الطهارةُ ممَّا يُوجِبُ غُسلًا


لا يصِحُّ الاعتكافُ ابتداءً إلَّا بطهارةِ المُعتكِفِ مِمَّا يوجِبُ الغُسلَ- كجنابةٍ، أو حيضٍ، أو نفاس- وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/322)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/108). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/293، 375)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص31). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/519)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/454). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/148، 198)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/136). قال ابنُ قدامة: (أمَّا خروجُها من المسجد- أي المرأة المعتَكِفة إذا حاضت- فلا خلافَ فيه؛ لأنَّ الحَيضَ حدَثٌ يمنَعُ اللُّبثَ في المسجِدِ، فهو كالجنابةِ وآكَدُ منه) ((المغني)) (3/206). وقال ابنُ تيمية: (الاعتكافُ يُستحَبُّ له طهارةُ الحدث ولا يجِبُ، فلو قعد المعتكِفُ، وهو محدثٌ في المسجِدِ، لم يَحْرُمْ، بخلاف ما إذا كان جُنبًا أو حائضًا، فإنَّ هذا يمنَعُه منه الجمهورُ، كمَنْعِهم الجنُبَ والحائِضَ مِن اللبث في المسجِدِ، لا لأنَّ ذلك يُبطِلُ الاعتكافَ) ((مجموع الفتاوى)) (21/275) وقال ابنُ عُثيمين: (.. إذ يلزمُ منه أنَّ المُعتَكِف لا يصِحُّ اعتكافُه إلا بطهارةٍ، ولم يَشتَرِطْ أحدٌ ذلك، إلَّا إن كان جنبًا فيجِبُ عليه أن يتطهَّرَ ثم يعتكِفُ؛ لأنَّ الجنابة تنافي المُكثَ في المسجِدِ) ((الشرح الممتع)) (1/331).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43]
وجه الدلالة
أنَّ الجُنُبَ مَنهيٌّ عن القُربِ مِن مواضِعِ الصَّلاةِ، وهي المساجِدُ ((المجموع)) للنووي (2/ 160).
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أمِّ عَطيَّةَ قالت: ((أمَرَنا- تعني النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أن نُخرِجَ في العيدينِ العواتِقَ، وذواتِ الخُدورِ، وأمَرَ الحُيَّضَ أن يعتَزِلْنَ مُصلَّى المُسلِمين )) رواه البخاري (324)، ومسلم (890) واللفظ له.
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((قال لي رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ناوليني الخُمرةَ مِن المسجِدِ. قالت: فقلتُ إني حائِضٌ. فقال: إنَّ حَيضَتَكِ ليست في يَدِكِ )) رواه مسلم (298).
ثالثًا: لأنَّ هذه الأمورَ لا يُباحُ معها اللُّبثُ في المسجِدِ، والذي هو ركنٌ مِن أركانِ الاعتكافِ ((الفتاوى الهندية)) (1/ 211).

انظر أيضا: