الموسوعة الفقهية

المبحث الأول: صَومُ الدَّهرِ


المطلب الأول: تعريفُ الدَّهر:
الدَّهرُ لغةً: هو الزَّمانُ، ويُجمَعُ على دهورٍ ((أنيس الفقهاء للقونوي)) (ص 18).
صَومُ الدَّهرِ اصطلاحًا: سَرْدُ الصَّومِ في جميعِ الأيَّامِ، إلا الأيَّامَ التي لا يصِحُّ صَومُها، وهي العيدانِ، وأيامُ التَّشريقِ [1242] ينظر: ((المجموع)) للنووي (6/ 388)
المطلب الثاني: حُكمُ صَومِ الدَّهرِ
يكرَهُ صَومُ الدَّهرِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (2/376)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (2/350)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/79). ، وقولٌ عند المالكيَّة ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص 78)، ((الذخيرة)) للقرافي (2/532). ، وقولٌ عند الشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/389)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/210). مذهب الشافعية: أنَّ صَومَ الدَّهرِ- غيرَ العيدِ والتَّشريقِ- مكروهٌ لِمَن خاف به ضررًا أو فوتَ حَقٍّ، ويُستحَبُّ إذا خلا من خوفِ ضررٍ أو فَوتِ حَقٍّ. ينظر: ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 79)، (تحفة المحتاج)) للهيثمي (3/459)، ((ونهاية المحتاج)) للرملي (3/210). وقولٌ لبعض الحَنابِلة قال ابنُ قدامة: (والذي يَقوَى عندي: أنَّ صومَ الدَّهرِ مَكروهٌ, وإن لم يصُمْ هذه الأيامَ- أي يومَيِ العيدينِ وأيامَ التَّشريقِ- فإنْ صامها قد فعل مُحرَّمًا, وإنما كُرِهَ صومُ الدَّهرِ؛ لِمَا فيه من المشقَّةِ, والضَّعفِ, وشِبْهِ التبتُّلِ المنهيِّ عنه) ((المغني)) (3/172)، وينظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (3/242). ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّةَ قال ابن تيمية: (وهذا مما يدلُّ على أنَّ صَومَ الدَّهرِ مَكروهٌ، وكذلك مداومةُ قيامِ اللَّيلِ) ((مجموع الفتاوى)) (14/458)، وينظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/378)، ((المسائل والأجوبة)) لابن تيمية (ص: 193). ، وابنِ القَيِّمِ قال ابن القيم: (وسَرْدُ صِيامِ الدَّهرِ مَكروهٌ؛ فإنَّه لو لم يكُن مكروهًا لَزِمَ أحد ثلاثةِ أمورٍ مُمتَنِعة...) ((زاد المعاد)) (2/77،79). والشَّوكانيِّ قال الشوكاني: (ويُكرَهُ صَومُ الدَّهرِ) ((الدراري المضية)) (2/178).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قال لي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّك لتصومُ الدَّهرَ وتَقومُ اللَّيلَ؟ فقُلتُ: نعم. قال: إنَّك إذا فَعلْتَ ذلك هَجَمتْ له العَينُ، ونَفِهَت له النَّفسُ، لا صام مَن صامَ الدَّهرَ، صومُ ثلاثةِ أيَّامٍ صَومُ الدَّهرِ كُلِّه. قلتُ: فإنِّي أُطيقُ أكثَرَ من ذلك. قال: فصُمْ صَومَ داودَ عليه السَّلامُ؛ كان يصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقَى )) رواه البخاري (1979)، ومسلم (1159).
ثانيًا: لأنَّه يُضعِفُ الصَّائِمَ عن الفرائِضِ والواجباتِ، وعن الكَسْبِ الذي لا بدَّ منه ((تحفة الفقهاء)) للسمرقندي (1/ 344).
ثالثًا: لأنَّه يُصيِّرُ العبادةَ عادةً وطبعًا، ومبنى العبادةِ على مخالفةِ العادةِ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 350).

انظر أيضا: