الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: حكمُ زكاةِ الذَّهَبِ والفضَّةِ


تجِبُ زكاةُ الذَّهَبِ والفضَّةِ إذا بلغا النِّصابَ ومضى الحَوْلُ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة: 34-35]
2- قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة: 103]
وجه الدَّلالة:
 عمومُ الآيةِ في إيجابِ الزَّكاةِ في الأموالِ، والذَّهَبُ والفضَّةُ مِن جملةِ الأموالِ ((الشرح الممتع)) لابن عثمين (6/93).
ثانيًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يؤدِّي منها حقَّها إلَّا إذا كان يومُ القيامةِ، صُفِّحَتْ له صفائِحُ من نارٍ، فأُحمِيَ عليها في نارِ جهنَّمَ، فيُكوى بها جَنبُه وجبينُه وظهرُه، كلَّما بَرُدَت أُعيدَتْ له، في يومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سَنةٍ، حتَّى يُقضى بين العبادِ؛ فيُرَى سبيلَه؛ إمَّا إلى الجنَّةِ وإمَّا إلى النَّارِ )) رواه مسلم (987)
حديثُ أنسٍ في بيانِ الصَّدَقاتِ التي فَرَضَها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المسلمين، والتي أمرَ اللهُ بها رسولَه، حسَبَما كتَبَه له أبو بكرٍ لَمَّا وجَّهَه إلى البحرين: ((وفي الرِّقَةِ الرِّقَةُ (بتخفيفِ القافِ): الدَّراهِمُ المضروبة، وأصلُ اللَّفظةِ الوَرِقُ، فحُذِفَتِ الواوُ وعُوِّضَ منها الهاء. ((النهاية)) لابن الأثير (2/254)، ((المغني)) لابن قدامة (3/35). : رُبُعُ العُشرِ، فإن لم تكُن إلَّا تِسعينَ ومئةً، فليس فيها شيءٌ إلَّا أن يشاءَ رَبُّها )) رواه البخاري (1454)
2- عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ليس فيما دونَ خمْس ِأواقٍ الأواقي: جمع أُوقيَّة، والأوقيَّة: أربعون درهمًا. ((النهاية)) لابن الأثير (1/80)، ((المجموع)) للنووي (6/7). صَدَقةٌ )) رواه البخاري (1405)، ومسلم (979)
وجه الدَّلالة:
أنَّ مفهومَ الحديثِ أنَّ ما كان خمسَ أواقٍ- وهي تعدِلُ مئتا درهمٍ- فإنَّ فيه الزَّكاةَ يُنظر: ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 257).
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على وجوبِ زكاةِ الذَّهَبِ والفضَّة: أبو عُبيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّام قال أبو عُبيد: (أجمع المسلمونَ على الدَّنانيرِ المضروبةِ، أنَّ الزَّكاة واجبةٌ عليه كالدَّراهم). ((الأموال)) (ص: 542). وقال: (فهذا لا اختلافَ فيه بين المسلمين، إذا كان الرَّجلُ قد ملَكَ في أوَّلِ السَّنَةِ من المال ما تجِبُ في مِثلِه الصَّدقة، وذلك مِئتا درهم أو عشرون دينارًا، أو خمسٌ من الإبل، أو ثلاثونَ مِنَ البَقَر، أو أربعون مِنَ الغنم، فإذا ملك واحدةً من هذه الأصنافِ مِن أوَّل الحَوْل إلى آخِرِه، فالصدقةُ واجبةٌ عليه في قولِ النَّاسِ جميعًا) ((الأموال)) (ص:501). ، وابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا على أنَّ في مِئتي دِرهمٍ بوزنِ مكَّةَ مِنَ الوَرِقِ المحض، إذا أتمَّتْ عامًا كاملًا قمريًّا متَّصلًا عند مالِكِها الحرِّ البالِغِ العاقِلِ المسلِمِ، رجلًا كان أو امرأةً، بِكرًا أو ذاتَ زوْج أو خِلوًا منه، لم تنتقِلْ مِن مِلْكِه عن أعيانِ الدراهِم ولا عن شيء منها - زكاةَ خَمسةِ دراهِمَ بالوزن المذكورِ، ما لم يكن حُلِيَّ امرأةٍ، أو حِلْيَةَ سيف، أو مِنْطقةً، أو مصحفًا أو خاتمًا... واتَّفقوا على أنَّ في أربعينَ دينارًا مضروبة، أو تبرًا أو نقارًا، أو سبائِكَ غيرَ مصوغٍ شيء من ذلك بوزن مكَّة مِن ذَهَبٍ أو إبريزِ مَحضٍ، تساوى الدَّراهِمُ المذكورةَ مئتي درهمٍ مِن ورِقٍ محضٍ مضروبة فصاعدًا، تتمُّ عند مالِكِها على الصفة التي ذكرنا في الفِضَّة حولًا قمَريًّا متصلًا، لم ينتقل مِلكُه عنها بأعيانها ولا عن شيء منها - زكاةَ دينارٍ، واتَّفقوا على أنَّ في كلِّ عشرين دينارًا زائدةً تُقيم حولًا كما ذكرنا نِصفَ[دينارٍ]). ((مراتب الإجماع)) (ص: 34، 35). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (زكاة الذهب والفضَّة، وهي واجبةٌ بالكتاب، والسنَّة، والإجماع). ((المغني)) (3/35). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (تجب الزَّكاة في الذهب والفضَّة بالإجماع، ودليلُ المسألة النُّصوصُ والإجماع، وسواء فيهما المسكوكُ والتِّبرُ والحجارة منهما والسبائك وغيرها من جنسها، إلَّا الحُلِيَّ المباحَ على أصحِّ القولين). ((المجموع)) (6/6).

انظر أيضا: