الموسوعة الفقهية

المطلب التاسع: حُكمُ جُلوسِ المُشَيِّعينَ قبل وَضعِ الجِنازة


اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ جُلوس المُشَيِّعينَ قبل وَضعِ الجِنازة، على قولين:
القول الأول: لا يُكْرَهُ الجُلوسُ قبل وَضْعِ الجِنازة، وهو مذهَبُ المالِكيَّة [8502] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/235). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/133). ، والشَّافعيَّة [8503] ((المجموع)) للنووي (5/280). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/312). الشافعية قالوا: هو بالخيار؛ إن شاء قام حتى تُوضَع الجِنازَةُ، وإن شاء قَعَدَ. ، وروايةٌ عن أحمَدَ [8504] ((الفروع)) لابن مفلح (3/368).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنه قال فِي شَأنِ الجنائِزِ: ((إِنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قامَ، ثُمَّ قَعَدَ )) [8505] أخرجه مسلم (962).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أن قوله: ((قَامَ، ثُمَّ قَعَدَ)) دلَّ على أنَّ القيامَ منسوخٌ بالقُعودِ [8506] ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) لابن الملقن (9/587)، وينظر أيضًا: ((المجموع)) للنووي (5/280).
القول الثاني: لا يُشرَع الجلوسُ لِمَن تَبِع الجِنازة حتى توضَعَ بالأرض للدَّفْنِ، وهو مَذهَب الحَنفيَّة [8507] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/244)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 224). ، والحَنابِلَة [8508] ((الفروع)) لابن مفلح (3/368)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/129). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/358). ، وقولُ بعضِ السَّلَف [8509] ((المغني)) لابن قدامة (2/358)، وينظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/60). ، واختاره ابنُ المُنذر [8510] ((الإقناع)) لابن المنذر (1/156). ، وابنُ القَيِّم [8511] ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/499). ، والشوكانيُّ [8512] ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/143). ، وابنُ بازٍ [8513] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/178). ، وابنُ عثيمينَ [8514] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/359).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي سعيدٍ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا اتَّبَعْتم جِنازة، فلا تجلسوا حتى تُوضَعَ )) [8515] أخرجه البخاري (1310)، ومسلم (959).
ثانيًا: لأنَّه قد تقع الحاجةُ إلى التعاوُنِ، والقيامُ أَمْكَنُ منه [8516] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/135).
ثالثًا: لأنَّ المعقولَ مِن نَدْبِ الشَّرْعِ لحضورِ دَفْنِه إكرامُ المَيِّتِ، وفي جُلوسِهم قبل وَضْعِه ازدراءٌ به، وعدمُ التفاتٍ إليه [8517] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/135).

انظر أيضا: