الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّامن: ما يُشرَعُ بعدَ التكبيرةِ الرَّابعةِ


اختَلَف العلماءُ في مشروعيَّةِ الدُّعاءِ للميِّتِ بعدَ التكبيرةِ الرَّابعة، على قولين:
القولُ الأوَّل: يُشرَعُ الدُّعاءُ للمَيِّت بعدَ التكبيرةِ الرابعةِ وقبلَ التَّسليمِ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة [8334] ((منح الجليل)) لعليش (1/485). ويُنظر: ((حاشية الصاوي)) (1/555)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/118). ، والشافعيَّة [8335] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/142)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/480). ، واختارَه بعضُ الحَنفيَّة [8336] قال ابنُ مازة: (ثم في ظاهِرِ المذهَبِ ليس بعدَ التكبيرةِ الرابعة دعاءٌ سوى السَّلامِ، وقد اختار بعضُ مشايخنا ما يُختم به سائِرُ الصَّلوات ((اللهمَّ ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسنةً...)) إلى آخره، قال شمس الأئمَّة رحمه الله: وهو مخيَّرٌ بين السُّكوت والدُّعاءِ؛ لِمَا بينَّا، وقال بعضُهم: يقرأ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا... **آل عمران: 8** إلى آخِره، وقال بعضُهم: يقرأ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ **الصافات: 180** إلى آخِره). ((المحيط البرهاني)) (2/179). وينظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/213)، ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/107). ، وروايةٌ عن أحمد [8337] ((المغني)) لابن قدامة (2/365). ، واختاره الشوكانيُّ [8338] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/80). ، وابنُ عُثَيمين [8339] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/336). ، والألبانيُّ [8340] ((أحكام الجنائز)) للألباني (1/126). ؛ وذلك لأنَّه قيامٌ في صلاةٍ، فكان فيه ذِكرٌ مشروعٌ، كالذي قبل التكبيرةِ الرابعةِ [8341] ((المغني)) لابن قدامة (2/365).
القول الثاني: أنَّه ليس بعدَ التَّكبيرةِ الرَّابعةِ دعاءٌ، وإنَّما يليها السَّلامُ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة [8342] ((البناية)) للعيني (3/217). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/179). ، والحَنابِلَة [8343] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/366)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/115). ، وقولٌ عند المالِكيَّة [8344] قال أبو الوليد الباجي: (قال سحنون: يقفُ بعد الرابعة ويدعو، كما يدعو بين كلِّ تكبيرتينِ. وقال سائرُ أصحابه: لا يقِف بعدَ الرابعةِ ويُسلِّم بأثَرِها). ((المنتقى شرح الموطأ)) (2/12). ، واختارَه ابنُ باز [8345] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/141). ؛ وذلك لأنَّ الدُّعاءَ في صلاةِ الجِنازة بمنزلةِ القراءةِ في غيرِها، فلو دعا بعدَ الرَّابعةِ لاحتاجَ إلى تكبيرةٍ تَفصِلُ بين القراءةِ والسَّلامِ، كما يَفصِلُ الركوعُ بين القراءةِ والتَّسليمِ [8346] ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/12).

انظر أيضا: