الموسوعة الفقهية

المطلب السَّادس: الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم


الفرع الأول: حُكمُ الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازة
الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [8315] قال ابنُ القيِّم: (الموطنُ الرابع من مواطن الصَّلاة عليه صلَّى الله عليه وسلَّم: صلاةُ الجِنازَة بعدَ التكبيرة الثانية، لا خلافَ في مشروعيَّتِها فيها). ((جلاء الأفهام)) (1/367). قال الألباني: (وأمَّا صيغةُ الصلاةِ على النبيِّ  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الجِنازةِ، فلم أقِفْ عليها في شيءٍ من الأحاديثِ الصَّحيحة، فالظَّاهِرُ أنَّ الجنازةَ ليس لها صيغةٌ خاصَّةٌ، بل يؤتى فيها بصيغةٍ مِن الصِّيغِ الثابتة في التشهُّد في المكتوبةِ). ((أحكام الجنائز)) (ص: 122) فرضٌ في صلاةِ الجِنازة، وهو مشهورُ مذهبِ الشافعيَّة [8316] ((المجموع)) للنووي (5/235)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/342) ، ومذهبُ الحَنابِلَة [8317] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/117). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/367). ، واختاره ابنُ باز [8318] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/144) ، وابن عثيمين [8319] قال ابنُ عثيمين: (والترتيبُ بين أركانِ صلاةِ الجنازةِ واجِبٌ، فيبدأ بالفاتحةِ، ثم الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ الدُّعاء؛ فلا يُقَدِّم بعضَها على بعضٍ)  ((الشرح الممتع)) (5/342). وقال: (قوله: "والصلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم"، أي: من واجباتِ الصَّلاة على الميِّت، وهو ركنٌ على المشهورِ من المذهَبِ، وهو مبنيٌّ على القَولِ بركنيَّةِ الصَّلاة على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصلوات. أمَّا إذا قلنا: إنها ليست ركنًا في الصلواتِ فهي هنا ليست بركنٍ، لكنَّ الصَّلاةَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا المقامِ لها شأنٌ؛ لأنَّ الفاتحةَ ثناءٌ على الله، والصَّلاة على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلاةٌ عليه، والثالثة دعاءٌ، فينبغي للدَّاعي أن يقَدِّمَ بين يديه الثَّناءَ على الله، ثم الصلاةَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) ((الشرح الممتع)) (5/340)
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
 عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنَّ السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للجِنازةِ في التكبيراتِ، لا يقرأُ فى شىءٍ منهنَّ، ثم يُسلِّم... )) [8320] أخرجه الشافعي في ((المسند- ترتيب سنجر)) (588)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2868)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7209) من حديث أبي أمامة عن رجل من أصحاب النبي  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.  وأخرجه ابن أبي شيبة (3/296)، وابن الجارود (540)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000) من حديث أبي أمامة به، وهو عند النسائي (1989) مختصرًا. قال البيهقي ((السنن الكبرى)) (4/39): رواية قوية. وصحَّح إسنادَه ابنُ القيِّم في ((جلاء الأفهام)) (192)، وقال الألباني في ((أحكام الجنائز)) (155): صحيحٌ على شرط الشيخين
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذه هي سُنَّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازة، وقد قال: ((صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي )) [8321] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/231) والحديث أخرجه البخاري (631).
ثانيًا: لأنَّها صلاةٌ؛ فوجبَ فيها الصَّلاةُ على رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كسائرِ الصَّلواتِ [8322] ((المجموع)) للنووي (5/235).
الفرع الثاني: محلُّ الصلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازة
محلُّ الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ بعدَ التكبيرةِ الثَّانيةِ مِن صلاةِ الجِنازة، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة [8323] ((البناية)) للعيني (3/216). ويُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (2/122). ، والشافعيَّة [8324] ((المجموع)) للنووي (5/235) ، والحَنابِلَة [8325] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/113).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
 عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنَّ السُّنَّةَ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للميِّت في التكبيراتِ، لا يقرأُ فى شىءٍ منهنَّ، ثم يُسلِّم... )) [8326] أخرجه الشافعي في ((المسند- ترتيب سنجر)) (588)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2868)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7209) من حديث أبي أمامة عن رجل من أصحاب النبي  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.  وأخرجه ابن أبي شيبة (3/296)، وابن الجارود (540)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000) من حديث أبي أمامة به، وهو عند النسائي (1989) مختصرًا. قال البيهقي ((السنن الكبرى)) (4/39): رواية قوية. وصحَّح إسنادَه ابنُ القيِّم في ((جلاء الأفهام)) (192)، وقال الألباني في ((أحكام الجنائز)) (155): صحيحٌ على شرط الشيخين
وَجهُ الدَّلالةِ:
ظاهرُ هذا الحديثِ أنَّ الصلاةَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ تكون بعدَ التكبيرةِ الثانية؛ لأنَّه لو كان قبلها لم تقعْ في التكبيراتِ، بل قبلَها [8327] ((أحكام الجنائز)) للألباني (ص 155).

انظر أيضا: