الموسوعة الفقهية

المَطلَب الأوَّل: صلاةُ العِيدينِ في المُصلَّى


يُستحَبُّ الخروجُ لصلاةِ العيدِ إلى المصلَّى في الصحراءِ خارجَ البلدِ قال ابنُ عُثَيمين: (يُسنُّ إقامتها في الصحراء خارجَ البلد، ويَنبغي أن تكونَ قريبة؛ لئلَّا يشقَّ على الناس) ((الشرح الممتع)) (5/121). وقال أيضًا: (السُّنَّة في صلاة العيد أنْ تكون في الصحراء كما فعَل النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا كَبُر البلد، فإنَّه ينبغي أن يُنقَل المصلَّى إلى الصحراء، وإذا لم يُنقل فلا حرَجَ؛ لأنَّ كونها في الصحراء ليس على سبيلِ الوجوب، بل هو على سبيلِ الاستحباب) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/233). ، وهو مذهبُ الجمهورِ قال القرطبيُّ: (وقد اتَّفق مالكٌ وسائر العلماء على أنَّ صلاة العيدين يُبرَز لهما في كلِّ بلد إلَّا مكة؛ فإنَّها تُصلَّى في المسجد الحرام) ((تفسير القرطبي)) (9/372). : الحَنَفيَّة [6409]  ((حاشية ابن عابدين)) (2/168، 169)، ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازَّة (2/101). ، والمالِكيَّة [6410] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/263)، ((حاشية العدوي)) (1/389). ، والحَنابِلَة [6411] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/298)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/52-53). ، وهو وجهٌ للشافعيَّة قال النوويُّ: (إنِ اتَّسع المسجدُ ولم يكن عذرٌ، فوجهان: أصحهما- وهو المنصوصُ في الأم، وبه قطع المصنِّف، وجمهورُ العراقيِّين، والبغويُّ، وغيرهم-: أنَّ صلاتها في المسجدِ أفضلُ. والثاني- وهو الأصحُّ عند جماعة من الخراسانيِّين، وقطع به جماعةٌ منهم-: أنَّ صلاتها في الصحراء أفضلُ؛ لأنَّ النبي صلَّى للهُ عليه وسلَّمَ واظبَ عليها في الصحراء) ((المجموع)) (5/5). ، وحُكي إجماعُ المسلمين على ذلك قال ابنُ قُدامة: (لنا: أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَخرُج إلى المصلَّى ويدَعُ مسجدَه، وكذلك الخلفاء بعده، ولا يترك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأفضلَ مع قُربه، ويتكلَّف فِعل الناقص مع بُعده، ولا يُشرع لأمَّته تركُ الفضائل، ولأنَّنا قد أُمرنا باتباع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والاقتداء به، ولا يجوزُ أن يكون المأمور به هو الناقِص، والمنهيُّ عنه هو الكامل، ولم يُنقَل عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه صلَّى العيد بمسجده إلَّا مِن عُذر، ولأنَّ هذا إجماعُ المسلمين؛ فإنَّ الناس في كل عصر ومصر يَخرجون إلى المصلَّى، فيُصلُّون العيد في المصلى، مع سَعَة المسجد وضِيقه، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي في المصلَّى مع شرَفِ مسجدِه) ((المغني)) (2/276). وقال النوويُّ: (قوله: «أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يخرُج يوم الأضحى ويومَ الفطر، فيبدأ بالصلاة»، هذا دليلٌ لِمَن قال باستحباب الخروج لصلاة العيد إلى المصلَّى، وأنه أفضلُ مِن فِعلها في المسجد، وعلى هذا عمَلُ الناس في معظمِ الأمصار) ((شرح النووي على مسلم)) (6/177).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن ابنِ عُمرَ، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَغدُو إلى المصلَّى والعَنَزةُ بين يَديه تُحمَل، وتُنصَبُ بالمصلَّى بين يديه، فيُصلِّي إليها )) رواه البخاري (973)، ومسلم (501).
2- وعن أبي سَعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخرُجُ يومَ الفِطرِ والأضحى إلى المصلَّى )) رواه البخاري (956)، ومسلم (889).
ثانيًا: فِعل النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وخلفائِه الراشدين؛ فإنَّهم كانوا يُصلُّونها في الصَّحراءِ، ولولا أنَّ هذا أمرٌ مقصودٌ لم يُكلِّفوا أنفسَهم ولا الناسَ أن يَخرُجوا خارجَ البلدِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/121). بل ذكَر ابنُ قُدامةَ أنَّه إجماعُ الناس؛ يخرجون إلى المصلَّى مع شرفِ مسجدِه ((المغني)) لابن قدامة (2/276).
ثالثًا: أنَّ العملَ على هذا في مُعظمِ الأمصارِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/53).
رابعًا: أنَّه أوقعُ لهيبةِ الإسلامِ، وأظهرُ لشعائرِ الدِّينِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/53).
خامسًا: أنَّ الناسَ يَكثُرونَ في صلاةِ العيد، فيَضيقُ عليهم المسجدُ في العادةِ، ويَحصُلُ الزحامُ، وربَّما اختلَطَ الرِّجالُ بالنِّساءِ، فكان من المناسبِ الخروجُ إلى المصلَّى ((المجموع)) للنووي (5/4)، ((الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/399).

انظر أيضا: