الموسوعة الفقهية

المَطلَب الرَّابع: الوَقْت


الفَرعُ الأوَّل: أوَّلُ وقتِ صلاةِ العِيدينِ
أوَّلُ وقتِ صلاةِ العيدينِ حين ارتفاعِ الشَّمسِ قال ابنُ بطَّال: (أجمَع الفقهاء أنَّ العيد لا يُصلَّى قبل طلوع الشمس، ولا عند طلوعها، فإذا ارتفعتِ الشمسُ وابيضَّتْ وجازتْ صلاة النافلة، فهو وقتُ العيد) ((شرح صحيح البخاري)) (2/560). وقال ابنُ رجب: (والمرادُ باليوم ها هنا: ما بعدَ طلوع الشمس؛ فإنَّه لا يجوزُ صلاة العيد قبل «ذَلِكَ» بالاتِّفاق) ((فتح الباري)) (6/103). قِيدَ رُمحٍ قِيد- بكسر القاف- رُمْح: بمعنى قَدْر رُمْح من أرماحِ العرب، وهو اثنا عَشرَ شبرًا. ((لسان العرب)) لابن منظور (3/373)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/173)، ((الفواكه الدواني)) للنفرواي (2/643). ووقتُه بالتوقيت المعاصر: بعدَ طلوعِ الشَّمس بمقدار رُبُع ساعةٍ تقريبًا. يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/118). ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة [6363] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي، مع ((حاشية الشلبي)) (1/225)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/173). ، والمالِكيَّة [6364] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/264)، ((حاشية الدسوقي)) (1/396). ، والحَنابِلَة [6365] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/50)، ويُنظر: ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 120). ، وهو وجهٌ للشافعيَّة قال النوويُّ: (اتَّفق الأصحابُ على أنَّ آخر وقت صلاة العيد زوال الشمس، وفي أول وقتها وجهان: أصحهما- وبه قطَع المصنِّف، وصاحب الشامل، والروياني، وآخرون-: أنَّه من أول طلوع الشمس، والأفضل تأخيرها حتى ترتفعَ الشمس قدْرَ رُمح. والثاني: أنه يدخُلُ بارتفاعِ الشمس) ((المجموع)) (5/4)، وينظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/310).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنهانا أنْ نُصلِّي فيهنَّ، أو أنْ نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تَطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفِعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشَّمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تَغرُبَ )) رواه مسلم (831).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ ما قبل طلوع الشَّمس قِيد رُمْح وقتَ نهي عن الصَّلاة فيها، فلم يكُن وقتًا للعيدِ كقبلِ طلوعِ الشَّمس ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/225)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/50).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا طَلَع حاجبُ الشمسِ فأَخِّروا الصلاةَ حتى ترتفعَ، وإذا غاب حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى تغيبَ، ولا تَحيَّنوا بصلاتِكم طلوعَ الشمس، ولا غُروبَها؛ فإنَّها تَطلُع بين قَرنَي شيطانٍ )) رواه البخاري (583) واللفظ له، ومسلم (829).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الوقتَ من طلوعِ الشمسِ إلى ارتفاعِها وقتٌ نُهِيَ عن الصلاة فيه؛ فلم يكُن وقتًا للعيدِ، كقبل طلوعِ الشَّمسِ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/225).
3- عن يَزيدَ بنِ خُمَيرٍ الرحبيِّ، قال: ((خرَج عبدُ اللهِ بنُ بُسرٍ- صاحِبُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في يوم عيدِ فطرٍ أو أضحى، فأنكر إبطاءَ الإمام، وقال: إنَّا كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد فَرَغْنا ساعتَنا هذه، وذلِك حين التَّسبيح )) [6371] رواه أبو داود (1135)، وابن ماجه (1092)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (997) صحَّح إسنادَه- على شرط مسلمٍ- النوويُّ في ((الخلاصة)) (2/826)، وقال ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/203): إسنادُه على شرْط مسلم. وصحَّح إسنادَه ابن حجر في ((تغليق التعليق)) (2/376) وقال: لا أَعلم له عِلَّة, وأمَّا كونه على شرط البخاري فلا. ووثَّق رجالَ إسناده الشوكانيُّ في ((نيل الأوطار)) (3/360)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1135)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (550) وقال: على شرط مسلم.
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
في قوله: ((وذلِكَ حين التَّسبيح))، أي: وقتها حينَ يُصلَّى صَلاة الضَّحى إذا مضَى وقتُ الكراهةِ ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (3/342).
ثانيًا: أنَّه حُكِي الإجماعُ على أنَّ فِعلها في هذا الوقتِ أفضلُ، وما كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليفعلَ إلَّا الأفضلَ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/225).
ثالًثا: أنَّه المتوارَث في هذه الأمَّة من بعدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فيجب اتِّباعُه ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/225).
رابعًا: أنَّه لو كانَ لصلاةِ العيدِ وقتٌ قبلَ طلوعِ الشَّمس قِيدَ رُمح، لكان تقييدُه بطلوعِ الشمس تحكُّمًا بغيرِ نصٍّ، ولا معنى نصٍّ، ولا يجوزُ التوقيتُ بالتحكُّم ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/225).
الفَرعُ الثَّاني: آخِرُ وقتِ صلاةِ العِيدينِ
يَستمرُّ وقتُ صَلاةِ العِيدينِ إلى الزَّوالِ.
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أبي عُميرِ بنِ أنسِ بنِ مالكٍ، قال: ((حدَّثني عُمومتي، من الأنصارِ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالوا: أُغْمَي علينا هلالُ شوال، فأصبحنا صيامًا، فجاءَ ركبٌ من آخِر النهار، فشهِدوا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم رأوُا الهلالَ بالأمس، فأمَرَهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُفطِروا، وأنْ يَخرُجوا إلى عيدِهم من الغدِ )) رواه ابن ماجه (1348)، وأحمد (5/58) (20603). صحَّح إسنادَه البيهقيُّ في ((السنن الكبرى)) (3/316)، وابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/203)، وقال ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/96): شهِد غيرُ واحد من الأئمَّة بصحة هذا الحديث. وصحَّحه الشوكاني في ((السيل الجرار)) (1/291)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1348).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنه لو كان الوقتُ باقيًا لَمَا أخَّرها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الغدِ [6377] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي، مع ((حاشية الشلبي)) (1/225).
ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا أنَّ من صفاء الشمس إلى زوالها وقتٌ لصلاة العيدين على أهل الأمصار) ((مراتب الإجماع)) (ص: 32). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (واتَّفقوا على أنَّ وقتها... إلى الزوال) ((بداية المجتهد)) (1/229). ، والخطيبُ الشربينيُّ [6380] قال الشربينيُّ: (وأمَّا كون آخر وقتها- أي: صلاة العيد- الزوال، فمُتَّفق عليه) ((مغني المحتاج)) (1/310). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (وقال بعضُ العلماء: وهي من بعد انبساطِ الشَّمس إلى الزوال، ولا أعرِف فيه خلافًا) ((الدَّراري المضية)) (1/118).
 الفرع الثالث: تَعجيلُ صلاة الأضحى وتأخيرُ صلاة الفِطر
يُستحبُّ أن تُقدَّمَ صلاةُ عيد الأضحى في أوَّل وقتِها، وأنْ تُؤخَّر صلاةُ عيد الفطرِ عن أوَّلِ وقتها، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/173)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 346) ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/ 76)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/488)، ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (2/99). ، والحَنابِلَة ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/163)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/51). ، وقولٌ للمالكيَّة قال المازريُّ: (وحكَى ابنُ شعبان في مختصره أنَّ ابن أبي ذئب ومالكًا قالا: يُعجِّل الإمام الخروجَ في الأضحى، ويخفُّ ما لا يخفُّ في الفِطر؛ لشغل الناس في ذَبائحهم وانصرافهم إلى أهليهم بالعوالي، وذكر حديثًا أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كتب إلى عمرو بن حزم: أنْ عجِّل الأضحى وأخِّر الفطر شيئًا، وذكِّر الناس) ((شرح التلقين)) (1/1061). وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/419)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/189). ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ قُدامة: (ويُسنُّ تقديمُ الأضحى؛ ليتَّسع وقتُ التضحية، وتأخيرُ الفِطر؛ ليتَّسع وقتُ إخراج صدقة الفطر. وهذا مذهبُ الشافعيِّ، ولا أعلم فيه خلافًا) ((المغني)) (2/280). وقال الشوكانيُّ: (أخرج الشافعيُّ مرسلًا: أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كتَب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران: أن عجِّل الأضحى، وأخِّر الفطر"، وفي إسناده إبراهيم بن محمد، شيخ الشافعي، وهو ضعيف، وقد وقعَ الإجماعُ على ما أفادتْه الأحاديث، وإنْ كانت لا تقوم بمِثلها الحُجَّة) ((الدراري المضية)) (1/118). ؛ وذلك لأنَّ تأخيرَ صلاةِ عيد الفِطرِ مناسبٌ حتى يتَّسعَ الوقتُ لأداء صدقةِ الفطرِ، وتعجيلَ صلاةِ عيدِ الأضحى والتخفيفَ فيها مناسبٌ؛ لشُغلِ الناس في ذبائحِهم قال ابنُ رجب: (المعنى في ذلك: أنه بتأخير صلاة عيد الفِطر يتَّسع وقتُ إخراج الفطرة المستحبِّ إخراجُها فيه، وبتعجيل صلاة الأضحى يتَّسع وقت التضحية، ولا يشقُّ على الناس أن يُمسكوا عن الأكْل حتَّى يأكلوا من ضحاياهم) ((فتح الباري)) (6/105). وقال ابنُ عُثَيمين: (أمَّا النظر: فلأنَّ الناس في صلاة عيد الفطر محتاجون إلى امتدادِ الوقت؛ ليتَّسع وقت إخراج زكاة الفطر؛ لأنَّ أفضلَ وقت تخرج فيه زكاة الفطر صباحُ يوم العيد قبل الصلاة؛ لحديث ابن عُمرَ: «أُمِر أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصَّلاة»، ومعلوم أنَّه إذا تأخَّرت الصلاة، صار هذا أوسعَ للناس، وأمَّا عيد الأضحى، فإنَّ المشروع المبادَرة بالتضحية؛ لأنَّ التضحية من شعائر الإسلام، وقد قرَنَها الله عزَّ وجلَّ في كتابِه بالصلاة، فقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ **الكوثر: 2**، وقال: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ **الأنعام: 162**، ففِعلها مبادرًا بها في هذا اليوم أفضلُ، وهذا إنما يَحصُل إذا قُدِّمت الصلاة؛ لأنَّه لا يمكن أن تُذبحَ الأضحية قبل الصلاة) ((الشرح الممتع)) (5/122)، وينظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/173)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/189).
الفرع الرابع: قَضاءُ صَلاةِ العيدِ لِمَن فاتتْه مع الجماعةِ
اختَلَف أهلُ العلمِ في قضاءِ صلاةِ العيدِ إذا أُقيمتْ وفاتتْ بعضَ الناسِ، وذلك على قولين:
القول الأوّل: لا تُقضَى صلاةُ العيدِ لِمَن فاتتْه مع الجماعةِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (2/70)، ((الهداية)) للمرغيناني (1/85). ، واختارَه داودُ الظاهريُّ قال النوويُّ: (حكى العبدريُّ عن مالك، وأبي حنيفةَ، والمزنيِّ، وداود: أنَّها لا تُقضَى) ((المجموع)) (5/29). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (ولا يُستحبُّ قضاؤها لِمَن فاتته منهم، وهو قولُ أبي حنيفة) ((الفتاوى الكبرى)) (5/356). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (أمَّا صلاة العيد، فليس لها بدلٌ، فإذا فاتتْ مع الإمام فإنَّه لا يُشرع قضاؤها، وهذا هو اختيارُ شيخ الإسلام ابنِ تيمية رحمه الله، وهو عندي أصوبُ من القول بالقضاء) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/256). وقال أيضًا: (هذه صلاةٌ مشروعة على وجه الاجتماع، فإذا فاتتْ فإنَّها لا تُقضى إلَّا بدليل يدلُّ على قضائها إذا فاتت؛ ولهذا إذا فاتت الرجلَ صلاةُ الجمعة لم يَقضِها، وإنما يُصلِّي فرض الوقت وهو الظهر؛ ولهذا ذهب شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله إلى أنَّها لا تُقضى إذا فاتت، وأنَّ مَن فاتته، فلا يُسنُّ له أن يقضيها؛ لأنَّ ذلك لم يَردْ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولأنها صلاةٌ ذات اجتماع معيَّن، فلا تشرع إلا على هذا الوجه. فإنْ قال قائل: أليستِ الجمعة ذاتَ اجتماع على وجه معيَّن، ومع ذلك تُقضى؟ فالجواب: الجمعة لا تُقضى، وإنما يُصلَّى فرضُ الوقت، وهو الظهر، وصلاة العيد أيضًا نقول: فات الاجتماع فلا تُقضى، وليس لهذا الوقتِ فرضٌ، ولا سُنَّة أيضًا؛ فهي صلاةٌ شُرِعت على هذا الوجه، فإنْ أدركها الإنسانُ على هذا الوجه صلَّاها، وإلا فلا. وبناءً على هذا القول يتَّضح أنَّ الذين في البيوت لا يصلُّونها، ولهذا أمر رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الناس أن يخرجوا إليها، وأمر النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيَّض أن يَشهدْنَ الخير ودعوةَ المسلمين، ولم يقل: ومَن تخلَّف فليصلِّ في بيته. فإذا قال قائل: لماذا لا نَقضيها فإنْ كنَّا مصيبين فهذا هو المطلوب، وإنْ كنا غير مصيبين فإنَّنا مجتهدون؟ فالجواب: نعم، الإنسان إذا اجتهد وفعَل العبادةَ على اجتهاد، فله أجرٌ على اجتهاده، وعلى فعله أيضًا، لكن إذا تبيَّنت السنَّة، فلا تمكن مخالفتها) ((الشرح الممتع)) (5/155- 156). ؛ وذلك لأنَّها صلاةٌ شُرِعت على وجهِ الاجتماعِ، فلا تُقضَى إذا فاتَتْ كصلاةِ الجُمُعةِ ((الهداية)) للمرغيناني (1/86)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/213- 216، 223، 255)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (27/244).
القول الثاني: تُقضَى صلاةُ العيدِ لِمَن فاتتْه مع الجماعةِ تُصلَّى ركعتين كصلاة الإمام. ينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/246)، ((البيان)) للعمراني (2/651) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/303). ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (1/ 467)، ويُنظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/246)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/104)، ((الاستذكار)) لابن عبد البَرِّ (2/397). ، والشافعيَّة على الصَّحيح ((المجموع)) للنووي (5/29)، ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (2/651). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/303)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/290). ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلَف قال النوويُّ: (إذا صلَّاها مَن فاتته مع الإمام في وقتها أو بعده، صلَّاها ركعتينِ كصلاة الإمام، وبه قال أبو ثور، وهو روايةٌ عن أحمد، وعنه رواية يُصليها أربعًا بتسليمة، وإنْ شاء بتسليمتين، وبه جزم الخرقيُّ، والثالثة مخيَّر بين ركعتين وأربع، وهو مذهبُ الثوري، وقال ابنُ مسعود: يُصلِّيها أربعًا، وقال الأوزاعيُّ: ركعتين بلا جَهر ولا تكبيرات زوائد، وقال إسحاق: إنْ صلاها في المصلَّى فكصلاةِ الإمام وإلَّا أربعًا) ((المجموع)) (5/29).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال نبيُّ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن نسِي صلاةً، أو نامَ عنها، فكفَّارتها أن يُصلِّيَها إذا ذكَرها )) رواه البخاري (597) بمعناه، ومسلم (684).
2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يقول: ((إذا أُقيمتِ الصلاةُ فلا تأتوها تَسعَونَ، وأتُوها تَمشُونَ وعليكم السَّكينةُ؛ فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتَكم فأتمُّوا )) رواه البخاري (908)، ومسلم (602).
ثانيًا: أنَّها قضاءُ صلاةٍ؛ فكانتْ على صِفتِها كسائرِ الصَّلواتِ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/250).
الفرع الخامس: صلاةُ العيدِ إذا لم تُؤدَّ جماعةً في وقتِها
يُشرَعُ قضاءُ صلاةِ العيدِ في اليوم الثاني إذا لم يُعلَمْ بثبوتِ رؤيةِ الهلالِ إلَّا بعدَ الزَّوالِ، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/226)، ويُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/258). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/27)، ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (2/650). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/294)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/50). ، وبه قال أكثرُ العُلماءِ قال ابنُ رجب: (إنْ شهِدوا بعد الزوال في أثناء النَّهار، فقال أكثرُ العلماء: يخرجون من الغد للصلاة، وهو قولُ عُمرَ بن عبد العزيز، والثوريِّ، وأبي حنيفة، والأوزاعيِّ، والليث، وإسحاق، وأحمد، وابن المنذر) ((فتح الباري)) (6/106).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أبي عُميرِ بنِ أنسٍ، عن عُمومةٍ له من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّ ركبًا جاؤوا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَشهَدون أنَّهم رأوُا الهلالَ بالأمسِ، فأمَرَهم أن يُفطِروا، وإذا أصبَحوا يُغدُوا إلى مصلَّاهم )) أخرجه أحمد (20603)، وأبو داود (1157)، وابن ماجه (1653). صحَّحه ابنُ المنذر كما في ((التلخيص الحبير)) (2/620)، والخطَّابي في ((معالم السنن)) (1/218)، وابنُ حزم في ((المحلى)) (5/92)، والنووي في ((المجموع)) (5/27)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/95).
ثانيًا: ولأنَّها صلاةٌ مؤقَّتة، فلا تَسقُط بفواتِ الوقتِ، كسائرِ الفرائضِ ((المغني)) لابن قدامة (2/291).

انظر أيضا: