الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: إذنُ السُّلطانِ أو حُضورُه


تصحُّ الجُمُعةُ بغيرِ إذنِ السُّلطانِ وحُضورِه، سواءٌ كان السلطانُ في البَلدِ أم لا، وهذا مذهبُ الجمهورِ قال النوويُّ: (مذهبنا أنَّها تصحُّ بغير إذنه وحضوره، وسواء كان السلطانُ في البلد أم لا، وحكاه ابنُ المنذر عن مالكٍ، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور) ((المجموع)) (4/583). وقال أيضًا: (كونُ الناسِ في الأعصار يُقيمون الجمعة بإذن السلطان لا يلزم منه بُطلانُها إذا أُقيمت بغير إذنه، وقولهم: "يُؤدِّي إلى فتنة" لا نُسلِّمه؛ لأنَّ الافتئات المؤدِّي إلى فتنة إنما يكونُ في الأمور العظام، وليستِ الجمعة ممَّا تؤدِّي إلى فتنة) ((المجموع)) (4/584). : المالِكيَّة ((الكافي)) لابن عبد البر (1/249)، ويُنظر: ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (1/616). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/509)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/251). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/279)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/244). ، واختاره ابنُ حزم قال ابنُ حزم: (وتُصلَّى في كلِّ قرية صغُرت أم كبُرت، كان هنالك سلطانٌ أو لم يكن) ((المحلى)) (3/252).  وقال أيضًا: (ولا فَرقَ بين الإمام في الجمعة والجماعة فيها، وبين الإمام في سائرِ الصلوات والجماعةِ فيها؛ فمِن أين وقَع لهم ردُّ الجمعة خاصَّةً إلى السلطان دون غيرها؟!) ((المحلى)) (3/256).
الأدلَّة:
أولًا: من الكِتاب
عمومُ قولِه تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9]
ثانيًا: من الآثار
عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عَديِّ بنِ خِيارٍ، أنَّه دخَلَ على عُثمانَ بنِ عَفَّانَ وهو محصورٌ، فقال: (إنَّك إمامُ عامَّةٍ، ونزَلَ بكَ ما ترَى، ويُصلِّي لنا إمامُ فِتنةٍ، ونَتحرَّجُ؟ فقال: الصلاةُ أحسنُ ما يَعمَلُ الناسُ، فإذا أحسنَ الناسُ فأَحْسِنْ معهم، وإذا أساؤوا فاجتنبْ إساءتَهم ) رواه البخاري (695).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه لم يَأمُرْه بإعادةِ الصَّلاةِ، مع أنَّ الذي صلَّى بالنَّاسِ كنانةُ بنُ بِشرٍ- أحدُ رُؤوس الفِتنة- وبدون إذنِ الخليفةِ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه ((فتح الباري)) لابن حجر (2/189، 190).
ثالثًا: القياسُ على الإمامةِ في سائرِ الصَّلواتِ ((المجموع)) للنووي (4/584).
رابعًا: أنَّ المتغلِّبَ والخارجَ على الإمامِ تجوزُ الجُمُعةُ خَلْفَه؛ فمَن كان في طاعةِ الإمامِ أحْرَى بجوازِها خَلفَه ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (1/346).
خامسًا: أنَّها من فرائضِ الأعيانِ، فلمْ يُشترَطْ لها إذنُ الإمامِ، كالظُّهرِ ((المغني)) لابن قدامة (2/244).

انظر أيضا: