الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: مِن أحكامِ مَن لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ


الفَرع الأول: فرْضُ مَن لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ، والحُكمُ إذا صلَّوها
مَن لا تجِبُ عليهم الجُمُعة ففرْضُهم الظُّهرُ، فإنْ حَضَروا صلاةَ الجُمُعةِ وصَلَّوْها، أجزَأَتْهم.
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ قال ابنُ المنذر: (أجمَعوا على أنْ لا جمعةَ على النِّساء. وأجمَعوا على أنهنَّ إنْ حضرنَ الإمام، فصلينَ معه أنَّ ذلك يُجزئ عنهنَّ)، ((الإجماع)) (ص: 40)، و((الأوسط)) (4/17). ، وابنُ عبد البَرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (إجماعُ المسلمين قديمًا وحديثًا أنَّ مَن لا تجب عليه الجُمُعة، ولا النزولُ إليها لبُعد موضعِه عن موضعِ إقامتِها- على حسَبِ ما ذكرنا من اختلافهم في ذلك- كلُّه مجمعٌ أنَّ الظهر واجبةٌ لازمة على مَن كان هذه حالَه) ((التمهيد)) (10/285). ، والجُوينيُّ قال النوويُّ: (المعذورون كالعبد، والمرأة، والمسافر، وغيرهم: فَرْضُهم الظهرُ، فإنْ صلَّوها صحَّتْ، وإن تركوا الظهرَ وصلَّوُا الجمعةَ أجزأتهم بالإجماعِ؛ نقل الإجماعَ فيه ابنُ المنذر، وإمامُ الحرمينِ، وغيرُهما) ((المجموع)) (4/495). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامَة: (وإن حضروها أجزأتهم) يعني تجزئهم الجمعة عن الظهر، ولا نعلمُ في هذا خلافًا) ((المغني)) (2/253). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (المعذورون كالعبد، والمرأة، والمسافر، وغيرهم: فَرْضُهم الظهرُ، فإنْ صلَّوها صحَّتْ، وإن تركوا الظهرَ وصلَّوُا الجمعةَ أجزأتْهم بالإجماعِ؛ نقل الإجماعَ فيه ابنُ المنذر، وإمامُ الحرمينِ، وغيرُهما) ((المجموع)) (4/495).
 ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ وإنْ كانتْ ركعتينِ، فهي أكملُ مِن الظُّهرِ؛ ولهذا وجبَتْ على أهلِ الكمالِ، وإنَّما سقطَتْ عن هؤلاءِ تخفيفًا عنهم، فإذا تَحمَّلوا المشقَّةَ وصلَّوا، أجزأهم، كالمريضِ ((المجموع)) للنووي (4/495، 496)، ((المغني)) لابن قدامة (2/253).
الفرعُ الثاني: من لا تَجِبُ عليهم الجمعةُ هل يُصَلُّونَ الظُّهرَ قبل صلاةِ الإِمامِ
مَن لا تجِبُ عليه الجُمُعةُ- كالمسافرِ، والمريضِ، والمرأةِ، والعبدِ، وسائرِ المعذورين- فله أنْ يُصلِّيَ الظهرَ قبلَ صلاةِ الإمامِ، على أنْ تكونَ صلاتُهم بعدَ دُخولِ وقتِ الظُّهْر سئلت اللجنة: ما حكم أداء المرأة لصلاة الجمعة، وهل تكون قبل أو بعد صلاة الرجال أو معهم؟ فأجابت: (لا تجب الجمعة على المرأة لكن إذا صلت المرأة مع الإمام صلاة الجمعة فصلاتها صحيحة، وإذا صلت في بيتها فإنها تصلي ظهرا أربعا، ويكون بعد دخول الوقت، أي بعد زوال الشمس). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (8/212). ؛ باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة ((البناية)) للعيني (3/73)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/165). ، والمالِكيَّة [5645] لكنَّهم يُفرِّقون بين مَن رجَا زوال عُذره؛ فهذا يجوزُ له التعجيل، ولكن بعد فراغِ الإمام من الجمعة، وبين مَن لم يَرجُ زوالَ عُذره؛ فهذا يُندَب له التعجيل مطلقًا. يُنظر: ((منح الجليل)) لابن عليش (1/440)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/84). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/ 493)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/423). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/25)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/255). ، وبه قال أكثرُ أهلِ الِعلمِ قال ابنُ قُدامَة: (مَن لا تجِب عليه الجُمُعة- كالمسافرِ، والعبدِ، والمرأة، والمريض، وسائرِ المعذورين- فله أن يُصلِّي الظهرَ قبلَ صلاة الإمامِ في قولِ أكثرِ أهلِ العِلم) ((المغني)) (2/255). ، وحُكِيَ الاتِّفاقُ على ذلك قال العينيُّ: (لأنَّ المعذور إذا صلَّى الظهر قبل صلاة إمامِ الجمعة يجوزُ بالاتِّفاق، والمعذور مِثل المسافر، والعبد، والمريض، والمرأة) ((البناية)) (3/73). وقال ابنُ نُجيم: (لأنَّ المعذور إذا صلَّى الظهرَ قبل الإمام، فلا كراهة اتِّفاقًا) ((البحر الرائق)) (2/165). ؛ وذلك لأنَّه لم يُخاطَبْ بالجُمُعة؛ فصحَّتْ منه الظهرُ، كما لو كان بعيدًا من موضِعِ الجُمُعةِ ((المغني)) لابن قدامة (2/255).

انظر أيضا: