الموسوعة الفقهية

الفصل الثَّالث: حِكمةُ النَّهي عن الصَّلاةِ في هذه الأوقاتِ


للنَّهي عن الصَّلاةِ في هذه الأوقاتِ حِكمٌ، منها:
أولًا: أمَّا وقتُ الزوالِ؛ فلأنَّ في وقتِ الزَّوال تُسْجَر جَهنَّمُ، ويُوقَدُ عليها أشدَّ الإيقادِ
فقد جاءَ في حديثِ عَمرِو بنِ عَبَسةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((...ثم صلِّ؛ فإنَّ الصلاةَ مشهودةٌ محضورةٌ، حتى يستقلَّ الظلُّ بالرُّمحِ، ثم أقصِرْ عن الصَّلاةِ؛ فإنَّه حينئذٍ تُسجَر جَهنَّمُ )) رواه مسلم (832).
ثانيًا: أمَّا الحِكمة من النهيِ عن الصلاةِ عند طلوعِ الشَّمس وغروبِها
1- البُعد عن مشابهةِ المشركينِ؛ فإنَّهم يَسجُدونَ للشمسِ عندَ طلوعِها وعند غروبِها
فعن عَمرِو بنِ عَبَسةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلِّ الصبحَ، ثم أقصِرْ عن الصلاةِ حتى تطلُعَ الشمسُ حتى ترتفعَ؛ فإنَّها تطلُعُ بين قرنَيْ شيطانٍ، وحينئذٍ يَسجُدُ لها الكفَّارُ))، ثم قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((... حتى تُصلِّي العصرَ، ثم أَقصِرْ عن الصلاةِ حتى تغرُبَ الشمسُ؛ فإنَّها تغرُبُ بين قرنَيْ شيطانٍ، وحينئذٍ يسجُدُ لها الكفَّارُ )) رواه مسلم (832).
2- لكونِ الشَّمسِ عند شروقِها وغروبِها تَطلُعُ وتغرُب بين قرنَيْ شيطانٍ
فعن ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَحرَّوا بصلاتِكم طلوعَ الشمسِ ولا غروبَها؛ فإنَّها تَطلُعُ بقرنَيِ شيطانٍ )) رواه البخاري (3273)، ومسلم (828).
ثالثًا: سدًّا للذريعةِ التي تُوصِل إلى المنهيِّ عنه
فالأصل أنَّ المنهيَّ عنه هو الصَّلاةُ وقتَ الطلوعِ ووقتَ الغروبِ، ولكن الشَّارع نهى عن الصلاةِ أيضًا بعدَ صلاتَي الفجرِ والعصرِ؛ سدًّا لذريعةِ استمرار المصلِّي بالصلاةِ إلى وقتِ النهي قال ابنُ تيميَّة: (ولهذا كان الأصلُ في النهي عند الطلوع والغروب كما في حديث ابن عُمرَ، لكن نهَى عن الصلاة بعد الصلاتين سدًّا للذريعة؛ فإنَّ المتطوِّع قد يُصلِّي بعدهما حتى يُصلِّي وقتَ الطلوع والغروب) ((مجموع الفتاوى)) (23/203).
رابعًا:
 من الحِكَم أيضًا: إجمامُ النَّفْس، وأخْذ وقتٍ لراحتِها، حتى تُقبِلَ بعدَ انقضاءِ فترة النهيِ بنشاطٍ أكثرَ، ورغبةٍ متزايدةٍ قال ابن تيمية: (بل في النَّهي عنه بعض الأوقات مصالحُ أُخر من إجمام النفوس بعضَ الأوقات من ثِقل العبادة، كما يجمُّ بالنوم وغيره؛ ولهذا قال معاذ: إني لأحتسبُ نومتي كما أحتسبُ قومتي. ومِن تشويقها وتحبيب الصلاة إليها إذا مُنعت منها وقتًا؛ فإنَّه يكون أنشطَ وأرغبَ فيها؛ فإن العبادة إذا خُصَّت ببعض الأوقات نشطت النفوس لها أعظمَ ممَّا تنشط للشيء الدائم. ومنها: أنَّ الشيء الدائم تسأم منه وتملُّ وتضجر، فإذا نهى عنه بعضَ الأوقات زال ذلك الملل... إلى أنواعٍ أُخر من المصالح في النهي عن التطوع المطلَق، ففي النهي دفْعٌ لمفاسدَ وجلب لمصالح من غير تفويتِ مصلحة) ((مجموع الفتاوى)) (23/187).
خامسًا:
أنَّ الشيءَ الدائمَ تسأمُ منه النُّفوسُ، وتمَلُّ وتضجَر؛ فإذا نُهي عنه بعضَ الأوقاتِ زال ذلك المللُ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (23/187).

انظر أيضا: