الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الأوَّلُ: توكيلُ الوكيلِ غَيرَه في الوَكالةِ المُطلَقةِ عن القَيدِ


لا يجوزُ للوكيلِ أن يُوكِّلَ غيرَه إذا أطلَقَ المُوَكِّلُ الوَكالةَ فلم يأذَنْ له ولم يَنْهَه [484] ويُستثنى من ذلك إذا كان العَمَلُ مِمَّا يترفَّعُ الوكيلُ عن مِثلِه، أو يَعجِزُ عنه لكَثرتِه، فيجوزُ له أن يوكِّلَ غيرَه إذا أطلَق الموكِّلُ الوَكالةَ. يُنظَر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (6 / 78)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/ 323)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (5/ 364). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [485] استثنى الحنفيَّةُ إذا أطلَق الموكِّلُ التَّفويضَ إلى رأيِ الوكيلِ وقال له: اعمَلْ برأيِك، فيجوزُ للوكيلِ أن يوكِّلَ غيرَه. ((العناية)) للبابرتي (8/99، 100)، ((حاشية الشِّلْبي على تبيين الحقائق للزيلعي)) (4/276). ، والمالِكيَّةِ [486] ((الكافي)) لابن عبد البر (2/786)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (7/192). ، والشَّافِعيَّةِ [487] استثنى الشَّافعيَّةُ إذا وُجِدَت قرينةٌ تدُلُّ على الإذنِ، فيجوزُ أن يوكِّلَ غيرَه. ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (3/177، 178)، ((حاشية قليوبي)) (2/430). ، والحَنابِلةِ [488] استثنى الحنابلةُ إذا قال الموكِّلُ للوكيلِ: اصنَعْ ما شِئتَ، أو تصَرَّفْ كيف شِئتَ، فيجوزُ أن يوكِّلَ غيرَه. ((الإقناع)) للحجاوي (2/234)، ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/466). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه فوَّض إليه التَّصَرُّفَ دونَ التَّوكيلِ به، وهذا لأنَّه رَضِيَ برأيِه، والنَّاسُ مُتفاوِتون في الآراءِ [489] ((العناية)) للبابرتي (8/99). .
ثانيًا: لأنَّه لم يأذَنْ له في التَّوكيلِ ولا تضَمَّنَه إذنُه لكَونِه يتوَلَّى مِثلَه، ولأنَّه استئمانٌ فيما يمكِنُه النُّهوضُ فيه، فلم يكُنْ له أن يوَلِّيَه غيرَه، كالوديعةِ [490] ((كشاف القناع)) للبُهوتي (3/466). .

انظر أيضا: