الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: يتحمَّلُ الإمامُ عنِ المأمومِ السُّترةَ


يتحمَّلُ الإمامُ عنِ المأمومِ السُّترةَ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّه قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةً بمِنًى، فجِئتُ على حمارٍ لي وقد ناهَزْتُ الحُلُمَ، فمرَرْتُ بين يدَيْ بعضِ الصُّفوفِ، فنزَلْتُ وأرسَلْتُ الحِمارَ يرتَعُ، فدخَلْتُ مع الإمامِ، فلم يُنكِرْ ذلك علَيَّ أحَدٌ )) رواه البخاري (1857)، ومسلم (504).
2- عن عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: ((هبَطْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ثنيَّةِ أذاخِرَ [2589] ثَنيَّة أَذاخِر: هي مَوضِعٌ قُربَ مكَّةَ، بينها وبين المدينةِ. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/33)، ((معجم البلدان)) لياقوت (1/127)، ((تاج العروس)) للزبيدي (11/364). ، فحضَرَتِ الصَّلاةُ- يعني فصلَّى إلى جِدارٍ- فاتَّخَذَه قِبْلةً ونحن خَلْفَه، فجاءَتْ بَهْمَةٌ [2590] هِيَ وَلَدُ الضَّأْنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. يُنظر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 41). تمُرُّ بين يدَيْه، فما زال يُدارِئُها [2591] أَيْ: يُدَافعُها. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/110). حتَّى لصِقَ بطنُه بالجدارِ، ومرَّتْ مِن ورائِه )) رواه أبو داود (708)، وأحمد (2/196) (6852)، والبيهقي (2/268) (3585) قال الذهبي في ((المهذب)) (2/707): إسناده صالح. ووثَّق رجال إسناده البُوصِيريُّ في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (2/108)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (11/77)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (708): حسنٌ صحيح.
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ [2593] قال ابنُ حزم: (الإجماع المتيقَّن الذي لا شكَّ فيه في أنَّ سترة الإمام لا يُكلَّف أحدٌ من المأمومين اتِّخاذ سُترة أخرى؛ بل اكتفى الجميعُ بالعَنَزةِ التي كان عليه السلام يصلِّي إليها) ((المحلى)) (2/325). ، وابنُ عبدِ البرِّ [2594] قال ابن عبد البرِّ: (فأمَّا المأموم فلا يضرُّه مَن مرَّ بين يديه، كما أنَّ الإمام والمنفرد لا يضرُّ واحدًا منهما من مرَّ من وراء سترته... هذا كله لا خلافَ فيه بين العلماء) ((الاستذكار)) (2/274). وقال أيضًا: (فإذا كان الإمامُ أو المنفرد يُصلِّيان إلى سُترة، فليس عليه أن يدفعَ من يمرُّ من وراء سترته... لا أعلمُ بين أهل العِلم فيه اختلافًا) ((التمهيد)) (4/188). ، والقَرافيُّ [2595] قال القرافيُّ: (وثانيهما أنَّ الجماعة لا تحتاج كلُّ واحد منهم إلى سترة إجماعًا، فكانت سترةُ الإمام سترةً لهم) ((الذخيرة)) (2/159).

انظر أيضا: