الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: من يكونُ منه التَّسميعُ والتَّحميدُ


الفَرْعُ الأولى: التَّسميعُ والتَّحميدُ للمنفردِ
إذا كان المُصلِّي منفرِدًا، فإنَّه يجمَعُ بين التَّسميعِ والتَّحميدِ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَعَ، وإذا رفَعَ رأسَه يُكبِّرُ، وإذا قام مِن السَّجدتينِ قال: اللهُ أكبَرُ )) رواه البخاري (795)، ومسلم (392).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الرِّوايةَ لم تفرِّقْ بين كونِه إمامًا ومنفرِدًا، ولأنَّ ما شُرِعَ مِن القراءةِ والذِّكرِ في حقِّ الإمامِ شُرِعَ في حقِّ المنفرِدِ، كسائرِ الأذكارِ ((المغني)) لابن قدامة (1/366).
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على أنَّ المنفردَ يجمَعُ بينهما: الطَّحاويُّ قال ابنُ حجر: (وأمَّا المنفردُ فحكى الطحاويُّ وابنُ عبد البرِّ الإجماعَ على أنه يجمَع بينهما) ((فتح الباري)) (2/284). ، وابنُ عبدِ البرِّقال ابن عبد البرِّ: (ولا أعلَم خلافًا أن المنفردَ يقول: سمِع اللهُ لِمن حمِده، ربنا لك الحمد، أو: ولك الحمد) ((الاستذكار)) (2/178)، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (ولا خلافَ في المنفرد: أعني أنه يقولهما جميعًا) ((بداية المجتهد)) (1/151).
الفَرْعُ الثاني: التَّسميعُ والتَّحميدُ للإمامِ 
يجمَعُ الإمامُ بين التَّسميعِ والتَّحميدِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/419). ، والحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (2/48)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/348). ، وروايةٌ عن أبي حنيفةَ قال الكمالُ ابنُ الهُمام: (وفي شرح الأقطع عن أبي حنيفة رضي الله عنه: يجمَعُ بينهما الإمام والمأموم) ((فتح القدير)) (1/298). وقال ابنُ رشد: (وقد رُوي عن أبي حنيفة: أنَّ المنفردَ والإمام يقولانهما جميعًا) ((بداية المجتهد)) (1/151). ، وقولُ محمَّدٍ وأبي يوسفَ مِن الحنفيَّةِ قال ابن نجيم: (قوله: "واكتفى الإمامُ بالتَّسميع، والمؤتمُّ والمنفرد بالتحميد"؛ لحديث الصحيحين: إذا قال الإمام: سمِع الله لمن حمِده، فقولوا: ربَّنا لك الحمد، فقسَم بينهما، والقسمة تنافي الشركة، فكان حجةً على أبي يوسف ومحمد، القائلينِ بأن الإمامَ يجمع بينهما، استدلالًا بأنَّه عليه السلام كان يجمع بينهما) ((البحر الرائق)) (1/343). ، وقولُ داودَ ((المجموع)) للنووي (3/419). ، وقال به بعضُ السَّلَفِ قال النَّوويُّ: (قد ذكَرْنا أنَّ مذهبنا: أنه يقول في حال ارتفاعه: سمع الله لمن حمِده، فإذا استوى قائمًا، قال: ربنا لك الحمد، إلى آخره، وأنه يستحبُّ الجمعُ بين هذين الذِّكرين للإمام والمأموم والمنفرد، وبهذا قال عطاء، وأبو بردة، ومحمد بن سيرين، وإسحاق، وداود) ((المجموع)) (3/419). وقال ابن رجب: (تقدم... أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقول في حال رفعِه من الركوع: ((سمِع الله لمن حمده))، ثم يقول بعد انتصابِه منه: ((ربنا ولك الحمد))، فدلَّ على أن الإمام يجمَع بين التسميع والتحميد، وهو قول الثوريِّ، والأوزعي، والشافعي، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد، ورُوي عن علي وأبي هريرة) ((فتح الباري)) (7/192). ، واختارَه ابنُ بازٍ قال ابن باز: (يرفع رأسه من الركوع رافعًا يديه إلى حَذو مَنْكبيه أو أذنيه قائلًا: سمع الله لمن حِمده إن كان إمامًا أو منفردًا، ويقول حال قيامه: «ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، مِلْءَ السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئتَ من شيء بعدُ»، أما إن كان مأمومًا فإنه يقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد، إلى آخر ما تقدم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/10). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (الإمام والمنفرد يقولان: سمِع الله لمن حمِده، ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد) ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 64).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَع، وإذا رفَع رأسَه يُكبِّرُ، وإذا قام مِن السَّجدتينِ قال: اللهُ أكبَرُ )) رواه البخاري (795)، ومسلم (392).
2- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قام إلى الصَّلاةِ يُكبِّرُ حين يقومُ، ثم يُكبِّرُ حين يركَعُ، ثم يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه حين يرفَعُ صُلبَه مِن الرُّكوعِ، ثم يقولُ وهو قائمٌ: ربَّنا ولك الحمدُ، ثم يُكبِّرُ حين يَهْوِي ساجدًا )) رواه البخاري (789)، ومسلم (392).
ثانيًا: ولأن الإمامَ حرَّضَ غيرَه فلا ينسَى نفسَه ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/115).
الفَرْعُ الثالثُ: التَّسميعُ والتَّحميدُ للمأمومِ
يَكتفي المأمومُ بالتَّحميدِ فقط، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّةِ ((الفتاوى الهندية)) (1/74)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/298). ، والمالكيَّةِ ((الرسالة)) للقيرواني (ص: 27)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/281)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/465). ، والحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (2/47)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/349).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به، فإذا كبَّرَ فكبِّروا... وإذا قال الإمامُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ )) رواه البخاري (796)، ومسلم (409).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرَّقَ بين التَّكبيرِ وبين التَّسميعِ؛ فالتَّكبيرُ نقولُ كما يقولُ، والتَّسميعُ لا نقولُ كما يقولُ؛ فمعنى الحديثِ: إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فلا تقولوا: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، ولكن قولوا: ربَّنا ولك الحمدُ، بدليلِ سياقِ الحديثِ الذي فيه: إذا كبَّرَ فكبِّروا ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عُثَيمين (رقم اللقاء: 11).

انظر أيضا: