الموسوعة الفقهية

الفصلُ الأوَّلُ: النيَّةُ


لا تصحُّ الصَّلاةُ إلَّا بالنيَّةِ [1678] واختلف أهل العلم: هل النيَّة ركنٌ أو شَرْط؟ فذهب الحنفية، والحنابلة، وبعض الشافعيَّة إلى أنَّها شَرْط، وقالوا: لأنَّها قُرْبَة محضَة؛ فاشتُرِطت لها النيةُ، كالصوم. وذهب المالكيَّة والشافعيَّة - على الصَّحيح من المذهب - إلى أنها ركن، وقالوا: لأنها واجبةٌ في بعض الصلاة، وهو أوَّل الصلاة، فكانت ركنًا. ينظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/290،291)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/414،437)، ((الكافي)) لابن عبد البرِّ (1/227)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/303)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/223)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/450)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/361)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/313).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتابِ
قولُه تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الإخلاصَ عمَلُ القلبِ، وهو محضُ النيَّةِ [1679] ينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/91)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/313).
ثانيًا: من السُّنَّة
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى )) [1680] أخرجه البخاري (1) واللفظ له ومسلم (1907).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ كلمةَ ((إنما)) تُثبتُ الشَّيءَ وتنفي ما عداه؛ فدلَّت على أنَّ العبادةَ إذا صحِبَتْها النيَّةُ صحَّتْ، وإذا لم تصحَبْها لم تصِحَّ [1681] ((عمدة القاري)) للعيني (1/78).
ثالثًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذرِ [1682] قال ابنُ المنذِر: (أجمع كلُّ مَن نحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ الصلاةَ لا تُجزئ إلَّا بالنية) ((الأوسط)) (3/211). ، وابنُ قُدامةَ [1683] قال ابنُ قُدامة: (ولا نعلم خلافًا بين الأمَّة في وجوب النية للصلاة، وأنَّ الصلاة لا تنعقد إلَّا بها) ((المغني)) (1/336). ، والنَّوويُّ عن جماعةٍ من العلماءِ [1684] قال النَّوويُّ: (فالنيَّة فَرْض، لا تصحُّ الصلاةُ إلا بها، ونقل ابن المنذِر في كتابه: الإشراف، وكتاب: الإجماع، والشيخ أبو حامد الإسفراييني، والقاضي أبو الطيب، وصاحب الشامل، ومحمد بن يحيى، وآخرون: إجماعَ العلماء على أنَّ الصلاة لا تصحُّ إلَّا بالنية) ((المجموع)) (3/276). ، وابنُ جُزَيٍّ [1685] قال ابنُ جزي: ("الفصل الأول" في النيَّة، وهي واجبةٌ في الصَّلاةِ إجماعًا) ((القوانين الفقهية)) (ص: 42).

انظر أيضا: