الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّل: أذانُ الجُنبِ


يُكرَهُ أذانُ الجُنبِ، مع صِحَّته منه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/252)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/392). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/ 195)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/232)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/252). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/472)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/415). ، والحنابلة ((المغني)) لابن قدامة (1/300)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/239). ، وقال به داودُ، وذهبَ إليه طائفةٌ من السَّلَف قال النوويُّ: (مذهبنا: أنَّ أذان الجُنُب والمحدِث وإقامتَهما صحيحان مع الكراهة، وبه قال الحسنُ البصريُّ، وقتادةُ، وحمَّاد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة، والثوري، وأحمد، وأبو ثور، وداود، وابنُ المنذر، وقالتْ طائفةٌ: لا يصحُّ أذانُه ولا إقامتُه). ((المجموع)) (3/105). ، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ قال ابنُ قدامة: (وإنْ أذَّن جُنبًا، فعلى روايتين: إحداهما: لا يُعتدُّ به، وهو قولُ إسحاق. والأخرى: يعتد به؛ قال أبو الحسن الآمديُّ: هو المنصوصُ عن أحمد، وقولُ أكثر أهل العِلم؛ لأنَّه أحد الحَدَثينِ، فلم يمنع صحَّته كالآخَر)). ((المغني)) (1/300).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن المهاجِرِ بنِ قُنفذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يبولُ، فسلمتُ عليه فلم يردَّ عليَّ حتى توضَّأ، ثمَّ اعتذَرَ إليَّ، فقال: إنِّي كرهتُ أنْ أذكُرَ اللهَ إلَّا على طُهر، أو قال: على طهارةٍ )) رواه أبو داود (17)، وأحمد (4/345) (19056)، وابن خزيمة (1/103) (206). صحَّحه النووي في ((المجموع)) (3/105)، وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (1/394): حسنٌ صحيحٌ. وصحَّح إسنادَه أحمدُ شاكر في تحقيق ((المحلى)) (1/85)، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (17)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (1161).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الأذانَ ذِكر، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَرِه أن يَذكُرَ اللهَ عزَّ وجلَّ وهو على غير طهارةٍ.
ثانيًا: يُكرَه لأنَّه ليس ممَّن يَستحِقُّ الدعاءَ إليها، ولأنَّه يصير داعيًا إلى ما لا يُجيب إليه، فالمؤذِّن يَدْعو النَّاسَ إلى التأهُّبِ إلى الصَّلاةِ، فإذا لم يكُن متأهبًا دخَل تحتَ قوله: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ((البناية)) للعيني (2/110) ((حاشية ابن عابدين)) (1/392)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/89).
ثالثًا: أنَّ الأذانَ ذِكرٌ، والجُنُب والمحدِث لا يُمنعَانِ مِن ذِكرِ اللهِ تعالى ((المبسوط)) للسرخسي (1/240)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/89).
رابعًا: أنَّ المقصودَ من الأذانِ، هو الإعلامُ، وهو حاصلٌ من الجُنُب ((المبسوط)) للسرخسي (1/240).
خامسًا: أنَّ الجنابةَ أحدُ الحدَثينِ، فلم يَمنعْ صحَّتَه كالحدثِ الأصغرِ ((المغني)) لابن قدامة (1/300).

انظر أيضا: