الموسوعة الفقهية

المطلب الثالث: التثويبُ في الأذانِ


الفَرْعُ الأَوَّلُ: التثويبُ في الأذانِ لصلاة الفَجرِ
يُسنُّ التثويبُ التثويبُ في صلاة الصُّبح: هو أن يقول المؤذِّن بعد قوله: حي على الفلاح: الصلاةُ خيرٌ من النوم، مرَّتين؛ سُمِّي ذلك تثويبًا لأنَّه دعاءٌ بعد دعاء، فكأنه دعا الناس إلى الصلاة بقوله: حيَّ على الصلاة، ثم عاد إلى دُعائهم مرةً أخرى بقوله: الصلاة خيرٌ من النوم، وكل مَن عاد لشيءٍ فَعَلَه فقد ثاب إليه. ((الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي)) للهروي (ص: 54). في الأذانِ لصلاة الفجرِ ويُشرَع التثويبُ في الأذان الذي بعدَ طلوع الفجر؛ قال ابن باز: (إذا أذَّن للفجر أذانين شُرِع له في الأذان الذي بعد طلوعِ الفجر أن يقول: (الصلاة خيرٌ من النوم) بعد الحيعلة؛ حتى يعلمَ مَن يسمعه أنه الأذانُ الذي يُوجِب الصَّلاةَ ويمنع الصائمَ من تناول الطعام والشراب). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/342). وقال ابن عثيمين: (والتثويب الذي هو قولُ: "الصلاة خيرٌ من النوم" إنَّما يُشرَع في أذان الفجر الذي هو الأذانُ بعد طلوع الفجر). ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 104). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ من الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/388)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/241). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/83)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/229). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/199)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/468). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (2/9)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/237).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي محذورة رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: ((ألْقَى عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأذانَ حرفًا حرفًا: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، أشهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الصَّلاةِ، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفَلاح، قال: وكان يقول في الفَجرِ: الصَّلاةُ خيرٌ من النَّومِ )) رواه أبو داود (504) واللفظ له، والنسائي (647)، وأحمد (15378) صحَّحه الترمذيُّ، وقال ابنُ كثير في ((الأحكام الكبير)) (1/48): له طُرقٌ أُخَر، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (504). صحَّحه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (15/363)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (504). وصحح إسناده مغلطاي في ((شرح سنن ابن ماجه)) (3/39).
ثانيًا: أنَّ صلاة الفجرِ وقتٌ ينام فيه عامَّةُ الناس؛ لذا خُصَّ بها؛ لِمَا يَعرِضُ للنائمِ من التكاسُلِ بسببِ النومِ ((المغني)) لابن قدامة (1/296)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/388)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/136).
الفَرْعُ الثَّاني: التَّثويبُ في غيرِ الفَجرِ
لا يُثوَّبُ لغيرِ صلاةِ الفجرِ، وهو مذهبُ الجمهور: المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/82، 83)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/46). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/468)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/409). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/238)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/296). ، ومُتقدِّمي الحنفيَّة ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/245)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/148). قال ابن نجيم: (... أفاد أنَّه «أي: التثويب» لا يَخصُّ صلاةً، بل هو في سائرِ الصَّلوات، وهو اختيارُ المتأخِّرين؛ لزيادةِ غفلةِ الناس، وقلَّما يقومون عند سماع الأذان، وعند المتقدمين هو مكروهٌ في غير الفجر، وهو قولُ الجمهور، كما حكاه النوويُّ في شرح المهذب؛ لِمَا رُوي أنَّ عليًّا رأى مؤذنًا يثوِّب في العشاء، فقال: أخرجوا هذا المبتدعَ من المسجد، وعن ابن عُمرَ مِثلُه). ((البحر الرائق)) (1/275). ، وهو قولُ عامَّة العلماءِ قال الكاسانيُّ: (وأمَّا محلُّ التثويب، فمحلُّ الأوَّل هو صلاةُ الفجرِ عند عامَّة العلماء). ((بدائع الصنائع)) (1/148).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أَحْدَث في أمرِنا ما ليسَ فيه فهو رَدٌّ )) [458] رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) واللفظ له. وقد جاءتِ النصوصُ بمشروعيَّةِ التثويبِ في صَلاةِ الفَجرِ خاصَّةً.
ثانيًا: أنَّ صلاةَ الفجرِ وقتٌ ينامُ فيه عامَّةُ الناس، ويقومون إلى الصَّلاةِ عن نومٍ؛ فاختُصَّتْ بالتثويبِ؛ لاختصاصِها بالحاجةِ إليه ((المغني)) لابن قدامة (1/296).

انظر أيضا: