الموسوعة الفقهية

المطلب السَّابع: وطء المستحاضة


يجوزُ وطءُ المستحاضةِ؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: ((المغني)) لابن قدامة (1/246). ، الحنفيَّة ((الهداية)) للمرغيناني (1/32)، وينظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/84). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/367)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/353). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/372)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/75). ، وروايةٌ عند أحمد ((الفروع)) لابن مفلح (1/281)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/246). ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف قال ابن المُنذِر: (فممَّن أباح لزوجِها وطْأَها: ابنُ عبَّاس...، وبه قال سعيد بن المسيَّب، والحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وقتادة، وحمَّاد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله المزنيُّ، والأوزاعيُّ، ومالك، والثوريُّ، والشافعيُّ، وإسحاق، وأبو ثور). ((الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف)) (2/215، 216، 217). وقال ابن عبدِ البَرِّ: (وممَّن رُوي عنه إجازة وطء المستحاضة: عبد الله بن عبَّاس، وابن المسيَّب، والحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي حنيفة، وأصحابهم، والثوريِّ، والأوزاعيِّ، وإسحاق، وأبي ثور). ((التمهيد)) (16/70). ، واختاره ابنُ حزمٍ الظاهريُّ قال ابن حزم: (إن كانت غيرَ نُفَساءٍ ولا حائضٍ، فوطءُ زَوجِها لها حلالٌ). ((المحلى)) (1/422).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة: 222]
وجه الدَّلالة:
أنَّ الأمرَ قد جاء باعتزالِ الحائضِ، والمُستحاضةُ ليستْ حائضًا.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((جاءتْ فاطمةُ ابنةُ أبي حُبيشٍ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أُستحاضُ فلا أطهُرُ، أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا؛ إنَّما ذلك عِرقٌ وليس بِحَيضٍ، فإذا أقبَلَت حيضَتُك فدَعي الصَّلاةَ، وإذا أدبَرَت فاغسِلي عنك الدَّمَ، ثم صلِّي )) رواه البخاري (228) واللفظ له، ومسلم (333).
وجهُ الدَّلالةِ:
لَمَّا أمَرَ الله تعالى باعتزالِ الحُيَّضِ، وأباحَهنَّ بعد الطُّهرِ والتَّطهيرِ، ودلَّت السنَّةُ على أنَّ المُستحاضةَ تُصلِّي، دلَّ ذلك على أن لِزَوجِ المُستحاضةِ إصابَتَها إن شاء؛ لأنَّ الله أمَرَ باعتزالِهنَّ وهنَّ غيرُ طواهِرَ، وأباح أن يُؤتَينَ طواهِرَ ((الأم)) للشافعي (2/124)
ثانيًا: أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم الذين استُحيضَت نساؤُهم، وهنَّ حوالي سبعَ عشرةَ امرأةً، لم يُنقَلْ أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمر أحدًا منهم أن يعتَزِلَ زوجتَه، ولو كان مِن شَرعِ الله لبيَّنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِمَن استُحيضَت زوجَتُه، ولنُقِلَ؛ حفاظًا على الشَّريعة، فلمَّا لم يكُن شيءٌ من ذلك، عُلِمَ أنَّه ليس بحرامٍ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/504).
ثالثًا: أنَّ الأصلَ الحِلُّ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/505).
رابعًا: أنَّ دمَ الحيضِ ليس كَدَمِ الاستحاضةِ، لا في طبيعَتِه، ولا في أحكامِه؛ ولهذا يجِبُ على المستحاضة أن تُصلِّيَ، فإذا استباحت الصَّلاةَ مع هذا الدَّمِ؛ فكيف لا يُباحُ وَطؤُها، وتحريمُ الصَّلاةِ أعظَمُ من تحريمِ الوَطءِ؟! ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/505).
خامسًا: أنَّ الحيضَ مدَّته قليلةٌ، فمَنْعُ الوطءِ فيه يسيرٌ؛ بخِلاف الاستحاضةِ فمدَّتها طويلةٌ؛ فمنْعُ وطئِها إلَّا مع خوفِ العَنتِ فيه حرجٌ، والحرجُ منفيٌّ شرعًا ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/505).


انظر أيضا: