الموسوعة الفقهية

المطلب الأوَّل: إتيانُ المرأة في قُبُلها


يجب الغُسلُ بالجِماع، وإنْ لم يُنزِل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/163)، وينظر: ((المبسوط)) للشيباني (ص 48). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/151-152)، وينظر: ((المدوَّنة الكبرى)) لسحنون (1/135). ، والشَّافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/259)، وينظر: ((الأم)) للشافعي(1/52)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/208). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/232)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/149). ، وبه قال أكثرُ العلماء قال الترمذيُّ: (هو قولُ أكثَرِ أهلِ العِلم من أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعائشة، والفقهاء من التَّابعين ومَن بعدهم، مثل: سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق؛ قالوا: إذا التَقى الختانانِ، وجَب الغُسل). ((سنن الترمذي)) (1/182). وقال ابن عبدِ البَرِّ: (على هذا القولِ جمهورُ أهل الفتوى بالحِجاز، والعراق، والشام، ومصر، وإليه ذهب مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفة، وأصحابهم، واللَّيث بن سعد، والأوزاعيُّ، والثوريُّ، وأحمدُ بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عُبيد، والطبري). ((التمهيد)) (23/105). وقال أيضًا: (ذكَر ابن خويز منداد أنَّ إجماعَ الصَّحابة انعقد على إيجاب الغُسل من التِقاء الختانين، وليس ذلك عندنا كذلك، ولكنَّا نقول: إنَّ الاختلافَ في هذا ضعيف، وإنَّ الجمهورَ الذين هم الحُجَّة على مَن خالَفَهم من السَّلف والخلف انعقد إجماعُهم على إيجابِ الغُسل من التِقاء الختانين، ومجاوزة الختانِ الختانَ، وهو الحقُّ إنْ شاء الله). ((التمهيد)) (23/113). وقال ابنُ دقيق العيد: (الحُكم عند جمهور الأمَّة على مقتضى هذا الحديثِ في وجوبِ الغُسلِ بالتِقاء الخِتانين من غير إنزال). ((إحكام الأحكام)) (ص: 76). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن المُنذِر: (وهو قولُ كلِّ مَن نحفَظُ عنه من أهل الفُتيا من علماءِ الأمصار، ولستُ أعلَمُ اليومَ بين أهلِ العلم فيه اختلافًا). ((الأوسط)) (2/202). وقال ابن حجر: (استشكل ابنُ العربيِّ كلامَ البخاريِّ، فقال: إيجابُ الغُسلِ أطبق عليه الصَّحابةُ ومَن بَعدَهم، وما خالف فيه إلَّا داود، ولا عِبرةَ بخِلافِه). ((فتح الباري)) (1/398). وقال القاضي عياض: (لا نعلَمُ مَن قال به من بعد خِلاف الصَّحابة، إلَّا ما حُكِي عن الأعمش، ثم داود الأصبهانيِّ، وخالفه كثيرٌ من أصحابه، وقالوا بمذهَبِ الجَماعة). ((إكمال المعلم شرح صحيح مسلم)) (2/196). وقال النوويُّ: (اعلم أنَّ الأمَّة مجتمعةٌ الآن على وجوبِ الغُسلِ بالجِماع، وإنْ لم يكن معه إنزالٌ، وعلى وجوبه بالإنزالِ، وكان جماعةٌ من الصَّحابة على أنَّه لا يجب إلَّا بالإنزال، ثمَّ رجع بعضُهم، وانعقَد الإجماعُ بَعْدَ الآخرين). ((شرح النووي على مسلم)) (4/36).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا جَلَس بين شُعَبِها الأربَعِ قال ابن رجب: (الجلوسُ بين شُعَبِها الأربع، قيل: المرادُ يَدَي المرأةِ ورِجليها، وقيل غيرُ ذلك ممَّا يُرغِّب عَن ذكره). ((فتح الباري)) (1/371). ومسَّ الخِتانُ الخِتانَ، فقد وجَب الغُسلُ )) رواه مسلم (349) من حديث عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها. ، وفي رواية: ((وإنْ لم يُنزِلْ)) رواه مسلم (348).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: ((إنَّ رجلًا سأل رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الرَّجُل يُجامِع أهلَه، ثمَّ يُكسِلُ قال النوويُّ: (يقال: أكْسَلَ الرَّجُلُ في جِماعه، إذا ضعُفَ عن الإنزال). ((شرح النووي على مسلم)) (4/83). ؛ هل عليهما الغُسلُ؟ وعائشةُ جالسةٌ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي لأَفعَلُ ذلك أنا وهذه، ثمَّ نغتَسِلُ )) رواه مسلم (350).       
3- عن أُبيِّ بن كَعب رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ الفُتيا التي كانوا يُفتونَ؛ أنَّ الماءَ مِن الماءِ، كانتْ رخصةً رخَّصَها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَدءِ الإسلامِ، ثمَّ أمَر بالاغتسالِ بعدُ )) رواه أبو داود (215) واللفظ له، والترمذي (110)، وابن ماجه (609)، وأحمد (21139)، والدارمي (759). قال الترمذيُّ: حسن صحيح. وصحَّحه الدارقطني في ((السنن)) (1/309)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (1/166)، وابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (23/108)، والنوويُّ في ((المجموع)) (2/137)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (215)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسنَد)) (5) وقال: على شرْط الشَّيخين.
فرع: مسُّ الخِتانِ دون إيلاج
إذا مسَّ ذَكَرُ الرَّجُل فرْجَ المرأة، دون إيلاجٍ أو إنزالٍ، فلا يجِبُ عليهما الغُسلُ بذلك.
الدَّليلُ من الإجماع:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ العربيِّ قال ابن العربي: (لو مسَّه من غير ايلاجٍ، ما وجَب الغُسلُ إجماعًا). ((عارضة الأحوذي)) (1/168). ، وابنُ قدامة قال ابن قدامة: (لو مسَّ الخِتانُ الختانَ من غيرِ إيلاج، فلا غُسلَ بالاتِّفاق). ((المغني)) (1/149). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (فإنَّه لو وَضع موضعَ خِتانِه على موضِعِ خِتانها، ولم يُدخِلْه في مَدخَلِ الذَّكر، لم يجِب غُسلٌ بإجماعِ الأمَّة) ((المجموع)) (2/131). وقال أيضًا: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّه لو وَضع ذَكَره على خِتانها ولم يُولِجْه، لم يجِبِ الغُسلُ، لا عليه ولا عليها). ((شرح النووي على مسلم)) (4/42). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (أجمَعَ العُلَماءُ كما أشار إليه على أنَّه لو وَضع ذَكَره على خِتانها ولم يُولِجْه، لم يجِبِ الغسلُ على واحدٍ منهما) ((نيل الأوطار)) (1/278).

انظر أيضا: