الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّالث: مسُّ فَرجِ الغير (الكبير والصغير)


اختلف العلماءُ في مسِّ فرْجِ الغَيرِ الكبيرِ والصَّغيرِ ذكرًا كان أم أنثى على قولينِ:
القول الأوّل: أنَّ مسَّ فرج الغَيرِ الكبيرِ والصَّغيرِ ذكرًا كان أم أنثى ينقُضُ الوضوءَ مطلقًا؛ وهو مذهب الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/75)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/35). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/151)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/126). ، واختاره ابنُ باز قال ابن باز: (مسُّ الفرْجِ ينقُضُ الوضوءَ مُطلقًا، بشهوةٍ وبغيرِ شَهوةٍ، سواء كان الرَّجُلُ أو المرأة، إذا مسَّ الرَّجلُ فرْجَه أو فرْجَ امرأتِه، أو فرْج الطِّفل انتقَضَ الوضوءُ، وهكذا المرأةُ إذا مسَّت فرْجَها، أو فرجَ زَوجِها، أو فرجَ أطفالِها انتقَضَ الوضوءُ). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/206، 207).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ مسَّ ذَكَرِ غيرِه- ممَّن لا يحلُّ له مسُّه- أدْعى إلى الشَّهوةِ ((المغني)) لابن قدامة (1/133).
ثانيًا: أنَّ الإنسانَ قد تدعوه الحاجةُ إلى مسِّ ذَكَره، فإذا انتقَضَ بمسِّه، فلَأَنْ ينتقض بمسِّ ذكَرِ غَيرِه أوْلى ((المغني)) لابن قدامة (1/133).
القول الثاني: أنَّ مسَّ فرج الغَيرِ الكبيرِ والصَّغيرِ ذكرًا كان أم أنثى لا ينقُضُ الوضوءَ مُطلقًا؛ وهو مذهبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/12)، (الفتاوى الهندية)) (1/13)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/54)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/35). ، والظَّاهرية ((المحلى)) (1/221)، ((المغني)) (1/133).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن بُسرةَ بنتِ صَفوانَ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّها سمعتْ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((مَن مسَّ ذَكَره؛ فليتوضَّأْ )) رواه أبو داود (181)، والترمذي (83)، والنسائي (163)، وابن ماجه (479)، وأحمد (6/406) (27334)، ومالك في ((الموطأ)) (2/57) (127). قال الشافعيُّ في ((الأم)) (8/517): معروف. وصحَّحه يحيى بن معين، والإمام أحمد كما في ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (1/288)، وقال البخاري- كما في ((المحرر)) لمحمد ابن عبدالهادي (60)-: أصحُّ شيءٍ في هذا الباب حديثُ بُسرة. وقال الترمذيُّ: حسن صحيح. وصحَّحه الدارقطنيُّ في ((السنن)) (1/350)، وابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (17/183)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (2/451).
وجه الدَّلالة:
أنَّه أمَرَ بالوضوءِ مِن مَسِّ ذَكَرِه لا فرْجِ غيرِه، والعِلَّةُ غيرُ معقولةِ المعنى، فلا يمكِنُ قياسُ غَيرِه عليه ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/12).
ثانيًا: أنَّ الأصلَ المجتمَع عليه: أنَّ الوضوءَ لا ينتقِضُ إلَّا بإجماعٍ أو سُنَّةٍ ثابتةٍ غيرِ مُحتَملةٍ للتأويلِ، فلا نخرُجُ عن هذا الأصلِ إلَّا بدليلٍ متيقَّنٍ ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (17/205).

انظر أيضا: