الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّاني: مسُّ المرأةِ فرْجَها


اختلف أهلُ العِلمِ في نَقْضِ الوضوءِ مِن مسِّ المرأةِ فرْجَها، على قولين:
القول الأوّل: أنَّه لا ينقُضُ الوضوءَ، وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/12)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/56). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/302)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/123). ، وروايةٌ عن أحمد ((الإنصاف)) للمرداوي (1/156).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن طَلْقِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((خرجْنا وفدًا حتَّى قدِمْنا على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبايعْناه، وصلَّينا معه، فلمَّا قضى الصَّلاةَ جاء رجلٌ كأنَّه بدويٌّ، فقال: يا رسولَ الله، ما ترَى في رَجُل مسَّ ذَكَرَه في الصَّلاةِ؟ قال: هل هو إلَّا مُضغةٌ منك، أو بَضعَةٌ منك؟! )) رواه أبو داود (182)، والنَّسائي (165)، وأحمد (4/23) (16338)، وابن حبان (3/403) (1120). قال ابنُ المديني كما في ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (1/76): أحسن من حديث بُسْرَة، وصحَّحه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/76)، وابن حزم في ((المحلى)) (1/238)، وحسَّنه ابن القطَّان في ((بيان الوهم والإيهام)) (4/144)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (1/306): صحيح أو حسن، وقال محمد ابن عبدالهادي في ((تعليقة على العلل)) (83): حسن أو صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (165).
وجهُ الدَّلالة:
أنَّ قَولَه عليه الصَّلاةُ والسَّلام: ((هل هو إلَّا بَضعةٌ منك؟!)) عِلَّةٌ لا يمكن أن تزولَ، ولا فَرْقَ في ذلك بين الذَّكَر والأنثى.
ثانيًا: أنَّ النُّصوص إنَّما وردتْ في مسِّ الذَّكَر؛ فيبقى ما عداه على الأصلِ مِن بَقاء الطَّهارةِ، وعدمِ النَّقض، ولا نخرُج عن هذا الأصلِ إلَّا بدليلٍ متيقَّنٍ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/281).
القول الثاني: مسُّ المرأةِ فرْجَها ينقُضُ الوضوءَ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/43)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/75). والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/156)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/128). ، واختاره ابنُ باز قال ابن باز: (فدلَّ ذلك على أنَّ مسَّ الفرْج ينقُضُ الوضوءَ مُطلقًا، بشهوةٍ وبغيرِ شَهوةٍ، سواءٌ كان الرَّجُل أو المرأة، إذا مسَّ الرَّجلُ فرْجَه أو فرْجَ امرأته، أو فرْج الطِّفل انتقَضَ الوضوء، وهكذا المرأةُ إذا مسَّت فرْجَها، أو فرج زوجِها، أو فرج أطفالِها انتقض الوضوء، فهذا مهمٌّ؛ حتى لا تَغفُلَ عنه الأمهاتُ عند تطهيرهنَّ أولادهنَّ؛ ذُكورًا أو إناثًا، فيجِبُ إعادةُ الوضوء إنْ كانت الأمُّ على وضوءٍ) ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/206، 207).
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أيُّما رَجلٍ مسَّ فَرجَه، فلْيتوضَّأ، وأيُّما امرأةٍ مسَّت فرجَها، فلْتتوضَّأْ )) رواه الإمام أحمد (7076)، وابن الجارود (19)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (454)، والدارقطني (1/147)، والبيهقي (652). قال البخاريُّ كما في ((علل الترمذي)) (ص: 49): (حديثُ عبد الله بن عمرو في مسِّ الذَّكَر، هو عندي صحيحٌ). وقوى إسناده الذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (1/60)، وصحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) 2/477، وحَّسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/400)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (2725).
ثانيًا: قياسًا على نقْضِ الوُضوءِ مِن مسِّ الرُّجلِ ذَكرَه ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/128).

انظر أيضا: