الموسوعة الفقهية

المبحث الخامس: زوال العقل بالجنون أو الإغماء أو السُّكْر


زوالُ العقلِ بالجُنونِ أو الإغماءِ أو السُّكْر- قليلًا كان أو كثيرًا- ينقُض الوضوءَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/10)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/30). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/427)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/233). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/21)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/182-183). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/125)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/128) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/180). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن المُنذِر: (أجْمعوا على إيجابِ الطَّهارةِ على مَن زال عَقلُه بجُنونٍ أو إغماءٍ). ((الأوسط)) (1/250)، وانظر: ((الإجماع)) لابن المُنذِر (ص: 33). وقال ابنُ حزم: (واتفقوا على أنَّ البَولَ مِن غيرِ المستنكَحِ به، وأنَّ الفَسْوَ والضُّراط: إذا خرج كلُّ ذلك من الدُّبُر، وأنَّ إيلاجَ الذَّكَرِ في فَرجِ المرأةِ، باختيارِ المولِجِ- ينقُضُ الوضوءَ، بنسيانٍ كان ذلك أو بعَمْدٍ، وكذلك ذَهابُ العَقلِ بسُكرٍ أو إغماءٍ أو جُنونٍ) ((مراتب الإجماع)) (ص:20). وقال ابنُ قدامة: (وزَوالُ العَقلِ على ضَربين: نومٍ، وغيرِه؛ فأمَّا غيرُ النَّوم، وهو الجُنون والإغماءُ والسُّكْر، وما أشبَهَه من الأدويةِ المُزيلة للعَقلِ، فينقُضُ الوضوءَ يسيرُه وكثيرُه إجماعًا). ((المغني)) (1/128). وقال النوويُّ: (أجمعَتِ الأمَّةُ على انتقاضِ الوُضوءِ بالجنونِ وبالإغماءِ، وقد نقل الإجماعَ فيه: ابنُ المُنذِر وآخَرون). ((المجموع)) (2/21). قال ابنُ حزم: (قال قوم: ذَهابُ العَقلِ بأيِّ شَيءٍ ذَهب؛ من جنونٍ أو إغماءٍ أو سُكرٍ، مِن أيِّ شيءِ سَكِرَ. وقالوا هذا إجماعٌ مُتيقَّنٌ، وبرهانُ ذلك أنَّ مَن ذهب عَقلُه سقط عنه الخِطابُ, وإذا كان كذلك فقد بطَلَت حالُ طَهارَتِه التي كان فيها, ولولا صحَّةُ الإجماعِ أنَّ حُكمَ جَنابَتِه لا يرجِعُ عليه، لوجب أن يرجِعَ عليه, وباللهِ تعالى التوفيق) ((المحلى)) (1/211). وقال: (وليس كما قالوا, أمَّا دعوى الإجماعِ، فباطِلٌ, وما وَجْدَنا في هذا عن أحدٍ من الصحابةِ كلمةً, ولا عن أحدِ التَّابعين) ((المحلى)) (1/211).
وذلك لأنَّه إذا كان الوضوءُ ينتقِضُ بالنَّومِ الكثيرِ، فلَأَنْ ينتقِضَ بهذه الأسبابِ أوْلى؛ وذلك لأنَّ النَّائمَ إذا كُلِّم تَكلَّم، وإذا نُبِّه تَنبَّه، بل قد يُحسُّ إذا خرج منه الخارِجُ انظر: ((المجموع)) للنووي (2/21).

انظر أيضا: