الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّالث: مَن لَبس الخفَّينِ وهو مُقيم ثمَّ سافر


المطلب الأوَّل: مَن لَبِسَ الخفَّين وأحْدث وهو مقيمٌ، ولم يمسَحْ إلَّا في السَّفَر
مَن لبس الخفَّين وأحْدَث وهو مُقيمٌ، ولم يمسحْ إلَّا في السَّفَرِ؛ فإنَّه يمسَحُ مسْحَ مسافرٍ وابتداءُ مدَّة المسح تكون من أوَّل مَسحٍ بعد الحدَث، انظر المبحث السابق. ، وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/97)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/8، 9). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/488)، وينظر: ((الأم) للشافعي (1/51). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/135)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/212).
الدليلُ مِن السُّنَّةِ:
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ للمسافِرِ، ويومًا وليلةً للمقيم )) رواه مسلم (276).
وجه الدَّلالة:
أنَّه حالَ ابتدائِه بالمسحِ كان مُسافرًا وليس مقيمًا؛ ولذا يمسَحُ مسْحَ مسافرٍ؛ ثلاثةَ أيَّامٍ بلياليهنَّ ((المغني)) لابن قدامة (1/212)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/253).
المطلب الثَّاني: مَن لَبِسَ الخفَّين وهو مقيمٌ ولم يُحدِث، ثمَّ سافر، ولم يمسَحْ إلَّا في السَّفَر
مَن لَبِس الخفَّينِ وهو مقيمٌ ولم يُحدِث، ثمَّ سافر، ولم يمسَحْ إلَّا في السَّفر؛ فإنَّه يمسَحُ مسْحَ مسافرٍ.
الدليلُ مِن الإجماع:
إجماعُ كلِّ مَن وقَّت المسحَ للمُسافِر بثلاثةِ أيَّامٍ، وممَّن نقل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ قال النوويُّ: (لَبِس الخفَّ في الحضر وسافر قبل الحدَث، فيَمسَحُ مسْحَ مسافرٍ بالإجماع) ((المجموع)) (1/488). ، والعينيُّ قال العينيُّ: (لو لَبس في الحضر وسافر قبل الحدَث، يمسَحُ مسحَ مسافر بالإجماع) ((البناية)) (1/603).
المطلب الثَّالث: مَن أحدث ومسَحَ في الحَضَر، ثمَّ سافر قبلَ تمامِ يَومٍ وليلة
مَن أحدث ومسَحَ في الحَضَر، ثمَّ سافر قبلَ تمامِ يومٍ وليلة، يمسحُ مسْحَ مسافرٍ؛ وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/52)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/8، 9). ، وروايةٌ عن أحمد ((الإنصاف)) للمرداوي (1/177)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/213). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (ومَن مسح في الحَضَرِ ثم سافر- قبل انقضاء اليوم واللَّيلة أو بعد انقضائِهما- مسحَ أيضًا حتى يتمَّ لمسحِه في كلِّ ما مسَحَ في حَضَره وسَفَره معًا ثلاثةُ أيَّامٍ بلياليها). ((المحلَّى بالآثار)) (1/341). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (إذا مسح وهو مقيمٌ، ثمَّ سافر، فإنَّه يُتمُّ مسحَ مُسافر على القول الرَّاجح، وقد ذكَر بعضُ أهل العلم أنَّه إذا مسح في الحضر ثم سافر، أتمَّ مسْح مقيم، ولكن الرَّاجح ما قلناه؛ لأنَّ هذا الرَّجل قد بقِي في مدَّة مسحه شيءٌ قبل أن يسافر وسافَر، فيَصدُق عليه أنَّه من المسافرين الذين يمسحون ثلاثةَ أيَّام، وقد ذُكِر عن الإمام أحمد- رحمه الله أنَّه رجع إلى هذا القول بعد أنْ كان يقول بأنَّه يتمُّ مسْح مقيم). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/175).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ للمسافِر، ويومًا وليلةً للمُقيم )) رواه مسلم (276).
وجه الدَّلالة:
أنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعلَ للمُسافِرِ أن يَمسح ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ، وهذا مسافِرٌ.
ثانيًا: أنَّه سافر قبل مُضيِّ مدَّة المَسحِ، فأشبَهَ مَن سافَر قبل المَسحِ بعد الحدَث ((المغني)) لابن قدامة (1/213).
ثالثًا: أنَّ الغَرَض من الرُّخصة التَّخفيفُ عن المسافرينَ، وهو بزيادةِ المدَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/51).

انظر أيضا: