الموسوعة الفقهية

المطلب الأول: تَرجيلُ الشَّعرِ غِبًّا


يُسنُّ تَرجيلُ [466] ترجيلُ الشَّعرِ: تَسريحُه ودَهْنُه. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/270)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (1/71). الشَّعرِ [467] يُباحُ للمرأةِ سدلُ شَعرِها أو جَعلُه ضَفيرةً واحدةً أو أكثَرَ، وقد جاء في فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة: (جمْعُ المرأةِ شَعرَ رأسِها وسَدْلُه وراءها جائِزٌ، سواء جعلَتْه ضفيرةً واحدةً أم أكثَرَ، أم سدَلَتْه وراءَها غيرَ مَضفورٍ؛ لعدم ورود النَّهيِ عن ذلك). ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة - المجموعة الأولى)) (5/186). وقال ابنُ عُثيمين: (جَعلُ الشَّعرِ ضَفيرةً واحدةً، لا أعلمُ فيه بأسًا. والأصلُ الحِلُّ، ومَن رأى شيئًا مِن السُّنَّة يمنَعُ ذلك وجَبَ اتِّباعُه فيه). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/133). ويجوزُ للرجلِ أيضًا ضفرُ شعرِ رأسِه. يُنظر: ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/134)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/75). غِبًّا [468] اختلف الشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ في معنى الغِبِّ؛ فالشَّافعيَّة قالوا: غِبًّا: أي: وقتًا بعد وقت، بحيث يجِفُّ الأوَّل. والحَنابِلة قالوا: غِبًّا: أي: يومًا بعد يومٍ. يُنظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (3/234)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (1/43). قال ابنُ عُثَيمين: (قوله: «ويَدَّهِنُ غِبًّا»، الادِّهانُ: أن يَستعمِلَ الدُّهنَ في شَعرِه. وقوله: «غِبًّا» يعني: يُفعَلُ يومًا، ولا يُفعَلُ يومًا، وليس لازمًا أن يكون بهذا الترتيبِ، فيُمكِنُ أن يستعمِلَه يومًا، ويتركَه يومينِ، أو العكس، ولكِنْ لا يستعمِله دائمًا؛ لأنه يكونُ مِن المُترَفينَ الذين لا يهتمُّونَ إلَّا بشُؤونِ أبدانِهم، وهذا ليس من الأمورِ المحمودةِ... وتركُ الادِّهانِ بالكلِّيَّةِ سيئٌ؛ لأنَّ الشَّعرَ يكون شَعِثًا ليس بجميلٍ ولا حسَنٍ، فينبغي أن يكونَ الإنسانُ وسَطًا بين هذا وهذا). ((الشرح الممتع)) (1/156). ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ [469] ((روضة الطالبين)) للنووي (3/234)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (8/148). ، والحَنابِلةِ [470] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (1/43)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (1/74).
الأدِلَّةُ مِن السُّنَّةِ:
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه، قال: ((نهَى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الترجُّلِ إلَّا غِبًّا )) [471] أخرجه أبو داود (4159)، والتِّرمذي (1756)، والنَّسائي (5055)، وأخرجه أحمد (16793) باختلاف يسير. قال التِّرمذي: حسَنٌ صحيح، وصَحَّحه النوويُّ في ((المجموع)) (1/293)، وقال ابنُ كثيرٍ في ((إرشاد الفقيه)) (1/32): رواه النَّسائيُّ مُرسَلًا عن الحسَن، وموقوفًا عليه، وعلى ابنِ سيرين، وصَحَّح إسنادَه العراقيُّ في ((تخريج الإحياء)) (1/187)، وصَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (4159).
2- عن حُمَيدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، قال: ((لَقِيتُ رجُلًا صَحِبَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كما صَحِبَه أبو هريرةَ، قال: نهى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يمتَشِطَ أحدُنا كلَّ يومٍ )) [472] أخرجه أبو داود (28)، والنَّسائي (238)، وأحمد (17012). قال البيهقيُّ في ((السنن الكبري)) (1/190): مُرسَلٌ جَيِّد، وصَحَّح إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (2/91)، وقال محمد بن عبد الهادي في ((المحرر)) (66): الرَّجُلُ المُبهَم، هو الحَكَمُ ابنُ عَمرٍو الغِفاريُّ، قاله ابنُ السَّكَن، وصَحَّحه أحمد شاكر في تحقيق ((المحلى)) (1/213)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (28)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1489).
3- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من كان له شَعرٌ فلْيُكرِمْه [473] فلْيُكرِمْه: أي: فلْيُزيِّنْه وليُنظِّفْه بالغَسلِ والتَّدهينِ، ولا يَترُكه متفَرِّقًا مُتَّسِخًا. يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) للمظهري (5/49). ) [474] أخرجه أبو داود (4163)، والطَّحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (3365)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8485)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6455). حَسَّن إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (1/293)، وابن حَجَر في ((فتح الباري)) (10/381) وقال: وله شاهد بإسناد حسَن، والسَّخاوي في ((الأجوبة المُرضِية)) (3/1182)، ووثَّقَ رِجالَ إسنادِه الشَّوكانيُّ في ((نيل الأوطار)) (1/151)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4163): حسن صحيح.
4- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصغِي [475] يُصغي: أي: يُميلُ. يُنظر: ((مصابيح الجامع)) للدماميني (4/428). إليَّ رأسَه وهو مجاوِرٌ [476] مُجاوِرٌ: أي: مُعتَكِفٌ. يُنظر: ((مصابيح الجامع)) للدماميني (4/428). في المسجِدِ، فأُرَجِّلُه )) [477] أخرَجَه البُخاريُّ (2028) واللَّفظُ له، ومُسْلِم (297).

انظر أيضا: