الموسوعة الفقهية

المبحثُ التَّاسِعُ: الشَّرْطُ الثَّاني الخاصُّ بالمرأةِ: عَدَمُ العِدَّةِ


يُشتَرَطُ لوجوبِ الحَجِّ على المرأةِ ألَّا تكونَ المرأةُ مُعتَدَّةً في مدَّةِ إمكانِ السَّيرِ للحَجِّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفيَّة عمَّم الحَنَفيَّة هذا الشَّرْطَ لكل معتدَّةٍ: سواءٌ كانت عِدَّتُها من طلاقٍ بائنٍ أو رجعيٍّ، أو وفاةٍ، أو فسخِ نكاحٍ. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (2/4)، ((الفتاوى الهندية)) (1/219). ، والمالِكِيَّة لا فَرْقَ عند المالِكِيَّة: بين عِدَّةِ الوَفاةِ أو الطلاقِ. ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/545، 2/486)، ((التاج والإكليل)) للمواق(4/163). ، والشَّافِعِيَّة لا فرْق عند الشَّافِعِيَّة: بين عدَّةِ الوفاةِ أو الطَّلاقِ. ((الحاوي الكبير)) للماوردي (11/263)، ((روضة الطالبين)) للنووي (8/417). ، والحَنابِلَة خصَّ الحَنابِلَة العِدَّة المانعة من وجوب الحَجِّ على المرأة بعِدَّةِ الوَفاةِ دون عِدَّةِ الطَّلاقِ. ((المغني)) لابن قُدامة (8/167، 168)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/385). ، وقال به طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ رُوِيَ ذلك عن عمر، وعثمان رَضِيَ اللهُ عنهما، وبه قال سعيد بن المسيِّب، والقاسم، وأبو عبيد والثوري. ((المغني)) لابن قُدامة (8/167).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قَوْلُه تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة: 234]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ المتَوَفَّى عنها زوجُها لا يجوزُ لها أن تخرُجَ مِن بَيْتِها وتسافِرَ للحَجِّ، حتى تَقْضيَ العِدَّةَ؛ لأنَّها في هذه الحالِ غيرُ مُستطيعةٍ؛ لأنَّه يجب عليها أن تترَبَّصَ في البيتِ ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (21/214).
2- قَوْلُه تعالى: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ [الطلاق: 1]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الله تعالى نهى المعْتَدَّاتِ عن الخروجِ مِن بُيُوتهِنَّ قال القرطبي: (والرجعيَّةُ والْمَبتوتةُ في هذا سواءٌ). ((تفسير القرطبي)) (18/154).
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
 عن سعيدِ بنِ المسَيِّبِ: ((أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه كان يَرُدُّ المتوفَّى عنهنَّ أزواجُهنَّ مِنَ البَيْداءِ؛ يَمْنَعُهنَّ الحَجَّ)) رواه الإمام مالك في ((الموطأ)) (2/591) واللفظ له، وابن أبي شيبة (19184) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (4592) قال الألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (7/207): إسنادُه رجالُه ثقاتٌ على الخلافِ في سماعِ سعيدٍ من عمر.
ثالثًا: أنَّ العدَّةَ في المنزل تَفُوتُ، ولا بَدَلَ لها، والحَجُّ يُمكِنُ الإتيانُ به في غيرِ هذا العامِ، فلا يَفُوتُ بالتَّأخيرِ، فلا تُلْزَمُ بأدائِه، وهي في العِدَّةِ ((المغني)) لابن قُدامة (8/168)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/385).

انظر أيضا: