الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: الزَّكاةُ عن الجنين


لا تجِبُ زكاةُ الفِطرِ عن الجَنينِ في بَطنِ أمِّه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/192)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/361). ، والمالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/ 321)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/157). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/139)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/111). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/249)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/653). ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلم قال ابنُ قدامة: (المذهَبُ أنَّ الفِطرةَ غيرُ واجبةٍ على الجَنينِ، وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (3/99). وقال ابنُ المُنْذِرِ: (أجمعَ كلُّ مَن يُحفَظُ عنه من علماءِ أهلِ الأمصارِ: لا يَجبُ على الرَّجُل إخراجُ زكاةِ الفِطرِ عن الجنين في بَطنِ أمِّه، وممَّن حَفِظنا ذلك عنه: عطاءٌ ومالك وأبو ثور وأصحاب الرأي، وكان أحمدُ بن حنبل يستحِبُّ ذلك ولا يُوجِبُه، ولا يصحُّ عن عُثمانَ خلافُ ما قلناه). ((الإشراف)) (3/72)، وينظر: ((طرح التثريب)) (4/57). ، وحُكيَ فيه الإجماعُ قال ابنُ المُنْذِرِ: (أجمعوا على أنْ لا زكاةَ على الجنينِ في بطن أمِّه، وانفرد ابن حنبل، فكان يحبُّه ولا يُوجِبُه. ((الإجماع)) لابن المُنْذِر (ص: 47). وقال ابنُ قدامة: (قال ابنُ المُنْذِرِ: كلُّ مَن نحفَظُ عنه من علماءِ الأمصارِ لا يُوجِبونَ على الرَّجُلِ زكاةَ الفطر عن الجنينِ في بَطنِ أمِّه) ((المغني)) (3/99). وقال النووي: (أشار ابنُ المُنْذِر إلى نقْل الإجماع على ما ذكرتُه، فقال: كلُّ مَن يُحفَظ عنه العلمُ مِن علماءِ الأمصار لا يُوجِبُ فطرةً عن الجنين) ((المجموع)) (6/139). لكِنْ عن أحمد روايةٌ بالوجوب، قال ابنُ قدامة: (عن أحمد، رواية أخرى أنَّها تجب عليه؛ لأنَّه آدميٌّ، تصحُّ الوصيةُ له، وبه، ويرث فيدخُلُ في عموم الأخبار، ويُقاس على المولودِ). ((المغني)) لابن قدامة (3/99). وقال ابنُ حَزْم: (زكاةُ الفِطرِ مِن رمضانَ فَرضٌ واجِبٌ على كلِّ مُسلمٍ, كبيرٍ أو صغيرٍ, ذكر أو أنثى, حرٍّ أو عبدٍ, وإن كان مَن ذَكَرْنا جنينًا في بطنِ أمِّه... وأمَّا الحَملُ؛ فإنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أوجَبَها على كلِّ صغيرٍ أو كبيرٍ, والجنين يقَع عليه اسمُ: صغير, فإذا أكمل مئةً وعشرينَ يومًا في بطن أمِّه قبل انصداعِ الفَجرِ مِن ليلةِ الفِطرِ، وجَب أن تؤدَّى عنه صَدَقةُ الفِطر). ((المحلى)) (6/118، 132 رقم 704). واستحبَّ بعضُ العُلَماءِ إخراجَها عن الجنينِ، انظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/653)، و((كشاف القناع)) للبهوتي (2/249)، و((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة – المجموعة الأولى)) (9/366)، و((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/263).

الأدلة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله تعالى عنهما قال: ((فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفطرِ صاعًا مِن تَمرٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ، على العَبدِ والحرِّ، والذَّكَرِ والأنثى، والصَّغيرِ والكبيرِ مِنَ المسلمين )) رواه البخاري (1503)، ومسلم (984، 986).
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ زكاةَ الفِطرِ تَجِبُ على الصَّغيرِ، والجنينُ في بَطنِ أمِّه لا يَصدُقُ عليه اسمُ الصَّغيرِ لا لُغةً ولا عُرفًا ((فتح الباري)) لابن حجر ( 3 /369 ).
ثانيًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ الوُجوبِ ((فتح الباري)) لابن حجر ( 3 /369 ).
ثالثًا: أنَّه جنينٌ فلم تتعلَّق الزَّكاةُ به، كأجِنَّة السَّوائمِ ((المغني)) لابن قدامة (3/99)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/249).
رابعًا: أنَّ الجنينَ لا يثبُتُ له أحكامُ الدُّنيا إلَّا في الإرثِ والوصيَّةِ، بشرْطِ خُروجِه حيًّا ((المغني)) لابن قدامة (3/99)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/249).
خامسًا: أنَّ الحَملَ غيرُ مُحقَّقٍ، ولا يُعرَفُ حياتُه ((الفتاوى الهندية)) (1/192)، ((فتح الباري)) لابن حجر ( 3 /369 ).

انظر أيضا: