الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: حُكم نقْلِ الزَّكاةِ إلى بلدٍ آخرَ مطلقًا


يجوزُ نقلُها إلى بلدٍ آخرَ لحاجةٍ أو مصلحةٍ؛ نصَّ على هذا الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/305)، ويُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (2/216)، ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (1/485)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/395). ، والمالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/ 95)، ويُنظر: ((جامع الأمهات)) لابن الحاجب الكردي (ص: 166)، قال القرافي: (إنْ كان فيه- أي بَلَدِه- مُستحِقٌّ، لكنْ حاجةُ غَيرِه أشدُّ، نقَلَها كما نقَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه زكاةَ مِصرَ إلى الحِجازِ) ((الذخيرة)) للقرافي (3/152). ، وهو روايةٌ عن أحمد ((الفروع)) لابن مفلح (4/263)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/143). ، واختاره ابنُ تيمية قال ابنُ تيميَّة: (يجوزُ نقْلُ الزَّكاةِ وما في حُكمِها؛ لمصلحةٍ شرعيَّة). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 453). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (يجوزُ نقْلُ الزَّكاةِ مِن محلِّ المزكِّي "بلده" إلى بلدٍ آخر، إذا كان ذلك لمصلحةٍ شرعيَّة في أصحِّ قَولَيِ العلماء، كأنْ ينقُلَها للمجاهدينَ في سبيلِ الله، أو لفُقراءَ أشدَّ حاجةً مِن فُقَراء بَلَدِه، أو لِكَونِهم مِن قَرابَتِه؛ لأنَّ في ذلك جمعًا بين صِلةِ الرَّحِم والصَّدَقةِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/243). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: (يجوزُ للإنسانِ أن ينقُل زكاتَه مِن بَلَدِه إلى بلدٍ آخرَ، إذا كان في ذلك مصلحة، فإذا كان للإنسانِ أقاربُ مستحقُّون للزَّكاةِ في بلدٍ آخَرَ غيرِ بَلَدِه، وبعَث بها إليهم؛ فلا بأس بذلك، وكذلك لو كان مُستوى المعيشة في البلدِ مُرتفعًا وبعَث بها الإنسانُ إلى بلدٍ أهلُه أكثرُ فقرًا؛ فإنَّ ذلك أيضًا لا بأسَ به، أمَّا إذا لم يكُن هناك مصلحةٌ في نقْل الزَّكاةِ مِن بلدٍ إلى البلدِ الثَّاني فلا تُنقَلُ). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/313).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُ اللهِ تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: ٦٠]
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عُمومَ الآيةِ يدلُّ على جَوازِ صرْفِ الزَّكاةِ لِمُستحقِّيها، ولو كانوا في غَيرِ بلدِ المالِ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/305).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن قَبِيصةَ بنِ مُخارقٍ الهِلاليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((تحمَّلْتُ حَمالَةً قال ابنُ الأثير: (الحَمالةُ- بالفتْح: ما يتحمَّلُه الإنسانُ عَن غَيرِه من دِيَةٍ أو غرامةٍ؛ مثل أن يقَع حَربٌ بين فريقينِ تُسفَكُ فيها الدِّماءُ، فيدخُلُ بينهم رجلٌ يتحمَّلُ دياتِ القتلى ليُصلحَ ذات البَينِ، والتحمُّل: أنْ يحمِلَها عنهم على نفْسِه) ((النهاية)) (1/442). ، فأتيتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أسأَلُه فيها، فقال: أقِم حتَّى تأتيَنا الصدقةُ، فنأمُرَ لك بها... )) رواه مسلم (1044).
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَستدعي الصَّدَقاتِ إلى المدينةِ، ويَصرِفُها في المستحقِّين ((الإحكام شرح أصول الأحكام)) لابن قاسم (2/178).
ثالثًا: لأنَّه دفَع الحقَّ إلى المُستحِقِّ، فبرَأَ كالدَّينِ ((الإحكام شرح أصول الأحكام)) لابن قاسم (2/178).

انظر أيضا: