الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث: اختصاصُ الرِّكازِ بدِفنِ الجاهلية


الرِّكازُ دِفْنُ دِفن (بكسر الدال): بمعنى مدفون. ((لسان العرب)) لابن منظور (13/155)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/768). الجاهليَّةِ قال ابنُ قدامة: (يعتبر ذلك بأنْ ترى عليه علاماتهم، كأسماء ملوكهم، وصُورهم وصلبهم، وصور أصنامهم، ونحو ذلك). ((المغني)) لابن قدامة (3/48). وقال ابنُ عُثيمِين: (معنى الجاهلية ما قبل الإسلام، وذلك بأن نجِد في الأرض كَنزًا مدفونًا، فإذا استخرجناه ووجدْنا علامات الجاهلية فيه، مثل أن يكون نقودًا قد علم أنها قبل الإسلام، أو يكون عليها تاريخ قبل الإسلام، أو ما أشبه ذلك). ((الشرح الممتع)) (6/88). ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة الرِّكاز عند المالكِيَّة ما كان مِن دَفنِ الجاهليَّةِ في أرضِ العَرَب، وألحقوا به ما كان في فيافي الأرضِ التي ملَكَها المسلمونَ بغيرِ حرْبٍ. ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (1/297)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/768). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/91، 97)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/386). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 94)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/48)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/88). ، واختيارُ ابنِ حَزمٍ قال ابنُ حَزْم: (أمَّا الرِّكازُ فهو دِفنُ الجاهليَّة فقط; لا المعادن, لا خلافَ بين أهل اللُّغة في ذلك). ((المحلى)) (6/109 رقم 700)، وألحق به ابنُ حزم دفن الكافر غير الذميِّ، وفي ذلك يقول: (مَن وجَد كَنزًا من دفن كافر غير ذِمي جاهليًّا كان الدافن, أو غير جاهلي). ((المحلى)) (7/324).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنة:
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((العَجْماءُ جُبارٌ جُبَارٌ (بضم الجيم وتخفيفِ الباء): أي هَدْرٌ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (5/ 33). ، والبِئرُ جُبارٌ، والمَعدِنُ جبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ )) رواه البخاري (1499)، ومسلم (171)
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على إرادةِ دَفينِ الجاهلية؛ لكونه عليه الصَّلاة والسَّلام عطَفَ الرِّكازَ على المَعدِن، وفرَّق بينهما، وجعل لكلٍّ منهما حُكمًا، ولو كانَا بمعنًى واحدٍ لجمَع بينهما، وقال: والمَعدِنُ جُبارٌ وفيه الخُمُس، أو قال: الرِّكازُ جُبارٌ وفيه الخُمُس، فلمَّا فرَّقَ بينهما دلَّ على تغايُرِهما ((طرح التثريب)) للعراقي (4/21).
ثانيًا: لا خِلافَ بين أهلِ اللُّغةِ في أنَّ الرِّكازَ هو دِفنُ الجاهليَّةِ، فيُقتصَرُ عليه؛ لأنَّه مدلولُ الحديثِ بيقينٍ، واختلفوا في غيرِه، فهو محتمَلٌ، فلا يثبُتُ كونُه رِكازًا إلَّا بدليلٍ ينظر: ((المحلى))لابن حزم (6/109 رقم 700)، ((المجموع)) للنووي (6/97)، ((طرح التثريب)) للعراقي (4/21)، ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 270)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/100، 101).
ثالثًا: أنَّ المالَ إذا كان مِن دِفنِ الجاهليَّةِ، فالظَّاهِرُ أنَّه لم يَملِكْه إلى أن وجَدَه، فلا يكونُ لُقطةً، بخلافِ غيرِه ((المجموع)) للنووي (6/97).

انظر أيضا: