الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: زكاةُ الأوقاصِ التي بين النِّصابِ


المطلب الأوَّل: تعريفُ الأوقاصِ
الأوقاص: جمع وَقَصٍ (بفتحتين، وقد تُسكَّن القاف)، وهو ما بين الفَريضتينِ مِن نِصابِ الزَّكاةِ ممَّا لا شيءَ فيه، كالزِّيادة على الخَمسِ مِنَ الإبِلِ إلى التِّسع، والزيادةِ على العَشرِ إلى أربعَ عَشرةَ.
واستعمله الشافعيُّ وآخرون: فيما دون النِّصابِ الأوَّل.
والجامع بينهما: أنَّه لا يتعلَّقُ بهما حقٌّ ((النهاية)) لابن الأثير (5/214)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/668)، وينظر: ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/327)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/110، 111)، ((المغني)) لابن قدامة (2/440)، ((المجموع)) للنووي (5/392، 393).
المطلب الثاني: حُكم زكاة الأوقاص
لا شيءَ في الأوقاصِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة للإمامِ أبي حنيفة في وقَصِ البقر ثلاث روايات: روايةٌ بأنه لا شيءَ في الزيادة حتى تبلُغَ ستِّين، الثانية: أنه فيما زاد على الأربعين يجب فيه بحسابِه إلى ستِّين، الثالثة: أنَّه لا يجب في الزيادة شيءٌ، حتى تبلُغَ خمسين، ففيها مُسِنَّة وربع مسنَّةٍ أو ثُلُث تَبيعٍ. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/262)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/197). ، والمالكيَّة ((حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني)) (1/631)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/776). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/391)، ويُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/146). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/189)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/488).    ، وبه قال أكثَرُ العُلَماءِ قال ابنُ المُنْذِر: (قال أكثَرُ العلماء: لا شيءَ في الأوقاصِ). ((المجموع)) للنووي (5/393). وقال الشوكانيُّ: (وأمَّا لا شيءَ في الأوقاص وهي ما بين الفريضتين، فلا خلافَ في ذلك أيضًا إلَّا في روايةٍ عن أبي حنيفة). ((الدراري المضية)) (2/156). وقال الشنقيطيُّ: (وليس في الوَقَصِ في بهيمة الأنعامِ زكاةٌ، والوَقَص هو ما بين كلِّ نِصابٍ والذي يليه، كما بين الخمسة والتِّسعةِ مِنَ الإبل، وما بين الأربعينَ والعشرين ومئةٍ مِنَ الغنم، وما بين الثلاثينَ والأربعين من البَقَرِ، وهذا باتِّفاق، إلَّا خلافٌ للأحنافِ في وَقَصِ البقر فقط، والصَّحيحُ هو مذهَبُ الجمهورِ في الجميعِ). ((أضواء البيان)) (8/275).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ليس في الأوقاصِ شيءٌ)) رواه الطبراني في الكبير (20/168) (356). وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5409)، وأورده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (3/76) موقوفًا على معاذ بن جبل رَضِيَ اللهُ عنه، بلفظ: (لم يأمرني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في أوقاصِ البقرِ شيئًا)، وقال: رجاله رجال الصحيح.
 2- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، كتب له هذا الكتاب لَمَّا وجَّهه إلى البحرين: ((بسمِ اللهِ الرَّحمن الرحيمِ، هذه فريضةُ الصَّدقةِ التي فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المسلمينَ، والتي أمَرَ اللهُ بها رسولَه، فمَن سُئِلَها من المسلمينَ على وَجهِها فلْيعطِها، ومَن سُئِلَ فَوقَها فلا يُعطِ: في أربعٍ وعشرين من الإبِلِ فما دونها من الغَنَم، من كلِّ خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغت خمسًا وعشرينَ إلى خمسٍ وثلاثين، ففيها بنتُ مَخاضٍ أنثى، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى خمسٍ وأربعين، ففيها بنتُ لَبُونٍ أنثى، فإذا بلغَتْ ستًّا وأربعينَ إلى ستين، ففيها حِقَّةٌ طَروقةُ الجَمَلِ، فإذا بلغت واحدًا وستِّين إلى خمسٍ وسبعين، ففيها جَذَعة، فإذا بلغت- يعني: ستًّا وسبعين إلى تسعينَ، ففيها بنتَا لَبُون، فإذا بلغت إحدى وتسعينَ إلى عشرينَ ومئةٍ... )) رواه البخاري (1454).
وجه الدَّلالة:
أنَّ فَرضَ الزَّكاةِ في هذا الكتابِ يدلُّ على أنَّ الأوقاصَ التي بين الفَريضتينِ، ليس فيها شيءٌ ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (9/171).
ثانيًا: أنَّه مالٌ ناقِصٌ عن نِصابٍ يتعلَّق به فَرضٌ مُبتدَأٌ، فلم يتعلَّقْ به الوجوبُ كما لو نقَصَ عن النِّصابِ الأوَّل ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/402)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/189).
ثالثًا: أنَّ في عدمِ اعتبارِ الوَقَصِ رفقًا بالمالِك ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/54).

انظر أيضا: